في يوم النيروز، وذلك في سنة تسع عشرة ومائتين، وهو في القبة وهي مكشوفة وهو حاسر، وعديله شيخ من أصحاب عبد الله بن طاهر، وأصحاب السماجة بين يديه يلعبون، والفراغنة يرقصون، فلما رآهم محمد بكي قال: اللهم إنك تعلم أني لم أزل حريصا على تغيير هذا وإنكاره.
قال: وجعلت الفراغنة يحملون على العامة ويرمونهم بالقذر والميتة، والمعتصم يضحك، ومحمد بن القاسم يسبح ويستغفر الله ويحرك شفتيه يدعو عليهم، والمعتصم جالس في جوسق كان له بالشماسية ينظر إليهم، ومحمد واقف. ولما فرغ من لعبه مروا بمحمد بن القاسم عليه، فأمر بدفعه إلى مسرور الكبير، فدفع إليه، فحبس في سرداب شبيه بالبئر فكاد ان يموت فيه، وانتهى ذلك إلى المعتصم فأمر باخراجه منه فأخرجه وحبس في قبة في بستان موسى مع المعتصم في داره، ووكل به مسرور عدة من غلمانه وثقاته، وكانت في القبة التي هو فيها محبوس عدة روازن وكوى واسعة الضوء، فطلب مقراضا يكون عنده يقص به أظفاره، فدفع إليه، فعمد إلى لبد كان تحته فقطع نصفه بالمقراض وقصصه كهيئة السيور، وعمل منه مثل السلم، وطلب منهم سعفة ذكر انه يريد ان يطرد بها الفأر، فإنه يأكل خبزه فينجسه عليه فأعطوه فقطعها، وخرز حواليها بالمقراض حتى كسرها ثلاث قطع، وقرنها بمسواكه وجعلها في رأس السلم، وحلق به في أقرب روزنة من تلك الروازن إليه فعلق فيها وتسلق عليه، وجذبه إليه لما صعد فنجا، وكانت ليلة الفطر من سنة تسع عشرة ومائتين، وقد أدخلت الفواكه والرياحين وآله العيد على رؤوس الحمالين إلى البستان وصار الحمالون جميعا إلى القبة التي فيها محمد بن القاسم فباتوا حولها، ورموا بناتيجهم وناموا، فرمى بنفسه من القبة إلى أسفل، ونام بين الحمالين، وتحركت خرزة من فقار ظهره ولم تنفك، فنام بين الحمالين ثم عجل فأخذ بنتيجة أحدهم وذهب ليخرج فقال أحد البوابين: من أنت؟ فقال: أحد الحمالين أردت الانصراف إلى أهلي فقال له نم عندي مكانك لا يأخذك العسس، فنام عنده. فلما طلع الفجر