غيري، ووالله لا استأثرت عليك بشئ أملكه، ولك علي بذلك عهد الله جل وعز وميثاقه، وما أسألك إلا أن تصونني وتسترني، وهذه ألف دينار معي لنفقتي فخذها حلالا، وهذا حلي علي من خمسمائة دينار فخذه واضمن لك بعد اخذك إياه ما شئت علي حكمك، آخذه لك من تجار مكة والمدينة، ومن أهل الموسم العراقيين، فليس منهم أحد يمنعني شيئا اطلبه وادفع عني واحمني من أصحابك ومن عار يلحقني. فوقع قولها في قلبي موقعا عظيما فقلت لها: قد وهب الله لك مالك وجاهك وحالك، ووهبت لك القافلة بجميع ما فيها، ثم خرجت فناديت في أصحابي فاجتمعوا إلي، فناديت فيهم إني قد اجرت هذه القافلة وأهلها وخفرتها وحميتها، وجعلت لها ذمة الله وذمة رسوله وذمتي، فمن اخذ منها خيطا أو مخيطا أو عقالا فقد آذنته بحرب. فانصرفوا معي وانصرفت، وسار أهل القافلة سالمين. فلما اخذت وحبست، بينا انا ذات يوم في محبسي إذ جاءني السجان فقال لي: إن بالباب امرأتين تزعمان انهما من أهلك، وقد حظر علي ان يدخل عليك أحد، إلا انهما قد اعطتاني دملج ذهب، وجعلناه لي إن أوصلتهما إليك، وقد اذنت لهما وهما في الدهليز فأخرج إليهما إن شئت. فتنكرت من يجئني في بلد غربة وفي حبس وحيث لا يعرفني أحد، ثم تفكرت فقلت: لعلهما من ولد أبي أو من بعض نساء أهلي، فخرجت إليهما وإذا بصاحبتي فلما رأتني بكت لما رأت من تغيير خلقي وثقل حديدي، فأقبلت عليها الأخرى فقالت: أهو هو؟ قالت: أي والله لهو هو، ثم أقبلت علي فقالت: فداك أبي وأمي، لو استطعت ان أقيك مما أنت فيه بنفسي وأهلي لفعلت، ولكنت بذاك مني حقيقا، والله لا تركت المعاونة والسعي في خلاصك، وكل حيلة ومال وشفاعة، وهذه دنانير وطيب وثياب فاستعن بها على موضعك، ورسولي يأتيك في كل يوم بما يصلحك حتى يفرج الله عنك. ثم أخرجت إلي المرأة كسوة وطيبا ومائتي دينار، وكان رسولها يأتيني في كل يوم بطعام نظيف ويتصل برها عند السجان فلا يمتنع من كل ما أريد حتى من الله بخلاصي ثم
(٤٠١)