بغل أسفل الدرجة، وهو يريد الرحيل إلى خوارزم، فقبضت عليه، فقال: ما شأنك ومن تريد؟
قلت: محمد بن القاسم. قال: أنا محمد بن القاسم. قلت هات خاتمك فأعطاني خاتمه، فأنفذته مع خاتمي إلى عبد الله بن طاهر مع رجل دفعت إليه فرسا من تلك الخيل يركبه، وجنيبة يجنبها مخافة أن يعثر فرسه، وأمرت بعض أصحابي بدخول الغرفة، فقال لي: ما تريد من دخول الغرفة، وقد أخذتني وليس هناك أحد فلم التفت إليه، وأمرت أصحابي فدخلوا الغرفة ففتشوها فوجدوا أبا تراب تحت نقير، والنقير شبيه بالحوض من خشب يعجن فيه الدقيق ويعصر فيه العنب، فأخذتهما واستوثقت منهما بالقيود الثقال، وكتبت إلى عبد الله بن طاهر بخبرهما وسرت إلى نيسابور ستة أيام، فصيرت محمد بن القاسم في بيت في داري، ووكلت به من أثق به من أصحابي، ووكلت بأبي تراب عبد الشعراني، فوضع محمد كساءه وقام يصلي، وعبد الله يشرف من غرفة في الشادياج علينا، فلما فرغت من الاحتياط صرت إلى عبد الله بن طاهر فأخبرته الخبر وقصصته عليه شفاها. فقال لي: لابد من أن أنظر إليه، إلي مع المغرب وعليه قميص وسراويل ونعل ورداء، وهو متنكر، فلما نظر إلى محمد بن القاسم وثقل الحديد عليه قال لي: ويلك يا إبراهيم أما خفت الله في فعلك؟ أتقيد هذا الرجل الصالح بمثل هذا القيد الثقيل؟ فقلت أيها الأمير خوفك أنساني خوف الله، ووعدك الذي قدمته إلي أذهل عقلي، عما سواه.
فقال لي: خفف هذا الحديد كله عنه، وقيده بقيد خفيف في حلقته رطل بالنيسابوري - ووزن الرطل النيسابوري مائتا درهم - وليكن عموده طويلا، وحلقتاه واسعتين ليخطو فيه ومضى وتركه.
فأقام بنيسابور ثلاثة أشهر يريد بذلك أن يعمى خبره على الناس كيلا يغلب عليه لكثرة من بايعه بكور خراسان. وكان عبد الله يخرج من إصطبله بغالا عليها القباب ليوهم الناس أنه قد أخرجه، ثم يردها حتى استر بنيسابور سله في