المال ألف درهم، واحمله على فرس من الثلاثة فليركض بين يديك، فإذا صرت على فرسخ واحد من نسا، فافضض الكتاب واقرأه، واعمل بما فيه، ولا تغادر منه حرفا، ولا تخالف مما رسمته شيئا، واعلم أن لي عينا في جملة من صحبك يخبرني بأنفاسك، فاحذر ثم احذر، ثم احذر وأنت أعلم.
قال إبراهيم بن غسان: فخرجت وضربت بالطبل، ووافاني الفرسان جميعا بشادياج وهو موضع قصور آل طاهر، وعبد الله يشرف من شرف علينا، فعبأت أصحابي ودفعت فرسي أركضه، ويتبعوني نسير خببا حينا وتقريبا حينا، حتى صرنا في اليوم الثالث إلى نسا، على فرسخ منها ففضضت الكتاب فقرأته فإذا فيه: سر على بركة الله وعونه، فإذا كنت على فرسخ فعبئ أصحابك تعبئة الحرب، وأدخل نسا، وأنفذ قائدا من قوادك في ثلاثمائة يأخذ على أصحاب البريد داره فيحدق بها هو وأصحابه، وأنفذ قائدا في خمسمائة فارس إلى باب عاملها، تحرزا من وقوع حيلة ببيعة وقعت في أعناقهم لمحمد بن القاسم، وسر في باقي أصحابك إلى محلة كذا وكذا، ودرب كذا وكذا، دار فلان بن فلان، وادخل الدار الأولى، ثم أنفذ فيها إلى دار ثانية، فإذا دخلتها فانفذ منها إلى دار ثالثة، فإذا دخلتها فارق على درجة فيها على يمينك، فإنك تصير إلى غرفة فيها محمد بن القاسم العلوي الصوفي، ومعه رجل من أصحابه يقال له: أبو تراب، فاستوثق منهما بالحديد استيثاقا شديدا وأنفذ إلي خاتمك مع خاتم محمد بن القاسم، لاعلم ظفرك به قبل كتابك، وأنفذ الخاتمين مع الرسول ومره فليركض بهما ركضا حتى يصير إلي في اليوم الثالث إن شاء الله، ثم اكتب إلي بعد ذلك بشرح خبرك، وكن على غاية التحرز والتحفظ والتيقظ في أمره حتى تصير به وصاحبه إلى حضرتي.
قال إبراهيم: فما رأيت خبرا كان كأنه وحى مثله، فصرت إلى الموضع فامتثلت أمره، فوجدت محمد على رأس الدرجة، متلثما بعمامة وقد شد له على