وجملة كثيرة من رواياته ليست مروية عن شخص معلوم وإمام مشخص، بل غالبها من المراسيل التي عبر عنها بألفاظ تبعدها عن درجة المراسيل المعتبرة، كألفاظ: روي، ويروى، وأروي، ونروي، وقيل، ونظائرها مما في معناها، ولا يخفى على من تتبع الاخبار، ولاحظ سياق كلمات الأئمة الأطهار، وخصوص ما صدر عن مولانا الرضا عليه السلام ومن تقدمه أن أمثال ذلك لا تكون صادرة عنهم وما ينبغي لهم، من وجهين:
أحدهما: إن هذا مما لم يعهد عنهم، ولم يوجد في شئ من أخبارهم التي بين أيدينا، وكتب أخبارنا مملوءة منها، وحيث لم يوجد ذلك في سائر رواياتهم، ولم يشاهد إلا في نادر من الاخبار، حصل الظن القوي بأن ما كان غالبه من ذلك القبيل لا يكون صادرا عنهم، بل قد يحصل القطع للمتتبع الماهر بأن مثل ذلك ليس من إفاداتهم، ولم يظهر من معدن العلم والمعرفة، وبيان ذلك: أن من تتبع عبائر شخص، وتصفح كلماته، بحيث عرف أن ديدن هذا الشخص قد استقر على أن يتكلم على نهج خاص، وطريقة معهودة، ثم وقف على كتاب منسوب إليه، أو جاءه أحد يخبر منه، وكانت عبائر هذا الكتاب أو ذاك الخبر على منهج آخر، وأسلوب مخالف لطريقته في سائر كلماته، اتضح له أن هذا لم يصدر عن هذا الشخص، ورده أشد الرد، وهذا أمر معروف بين العقلاء، وقاطبة أولي العرف، ويعبر عنه بالاستقراء، ونظيره آت في أصل المطالب والمعاني أيضا، انتهى (1).
وأنت خبير بأن مراده من أخبارهم التي بأيدينا، إن كان هو الاخبار المختصرة المتشتتة في الأصول والفروع، فليس فيها مقام ذكر ما ذكره من الموهنات، وإن كان المراد مؤلفاتهم وكتبهم عليهم السلام، فليس بأيدينا كتاب منها يستكشف منه ديدنهم وطريقتهم في التأليف، فلم يبق لما ذكر من الاستقراء