وإذا هو خلف داره عريان، فقال لي: يا أبا بصير لا والله ما بقي في منزلي شيء إلا وقد أخرجته وأنا كما ترى، قال فمضيت إلى إخواننا فجمعت له ما كسوته به ثم لم تأت عليه أيام يسيرة حتى بعث إلي إني عليل فأتني فجعلت أختلف إليه واعالجه حتى نزل به الموت فكنت عنده جالسا وهو يجود بنفسه، فغشي عليه غشية ثم أفاق، فقال لي: يا أبا بصير قد وفى صاحبك لنا، ثم قبض - رحمة الله عليه - فلما حججت أتيت أبا عبد الله (عليه السلام) فاستأذنت عليه فلما دخلت قال لي ابتداء من داخل البيت وإحدى رجلي في الصحن والاخرى في دهليز داره: يا أبا بصير قد وفينا لصاحبك.
* الشرح:
قوله (فأعد قيانا) القيان جمع القينة وهي الأمة مغنية كانت أو غير مغنية وكثيرا ما يطلق على المغنية.
قوله (فبكى) بكى فرحا لضمان المعصوم له على الله الجنة وتأهله لهذه المنزلة العالية وقوله:
الله لقد قال لك أبو عبد الله هذا، مبالغة وتحقيق لصدور هذا القول بخصوصه لا بوجه الإبهام مثل أن يقول: دع ما أنت عليه تكن من أهل الجنة أو نحوه، فحلف أبو بصير أنه قال ذلك القول على سبيل التحقيق ولم يضمره أصلا.
قوله (فقال لي حسبك) حسبك يجوز أن يقرأ بفتح الحاء والسين وحسب الفعال الحسن له ويطلق أيضا على الفعال الحسن لآبائه، ومنه قيل: من فاته حسب نفسه لم ينفعه حسب أبيه، وهو حينئذ أما فاعل فعل محذوف أي بلغني حسبك أو خبر مبتدأ محذوف أي هذا حسبك أن فعالك الحسن ويجوز أن يقرأ بكسر الحاء وفتح السين جمع الحسبة وهو الأجر وهو حينئذ مبتدأ خبره محذوف أي أجورك في التبليغ على الله ويجوز أن يقرأ بفتح الحاء وسكون السين وهذا هو الأظهر وهو حينئذ أيضا مبتدأ خبره محذوف أي حسبك وكفاك ما بلغت وليس على الرسول إلا البلاغ أو حسبك الله وكفاك في جميع المهمات جزاء لما فعلت.
قوله (وهو يجوز بنفسه) أي يخرجها ويدفعها كما يدفع الإنسان ماله ويجود به والجود الكرم يعني أنه كان في النزع وسياق الموت كذا في النهاية.
* الأصل:
6 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن جعفر بن محمد بن محمد ابن الأشعث قال: قال لي: أتدري ما كان سبب دخولنا في هذا الأمر ومعرفتنا به وما كان عندنا منه ذكر ولا معرفة شيء عند الناس؟ قال: قلت له: ما ذاك؟ قال: إن أبا جعفر - يعني أبا الدوانيق - قال لأبي، محمد بن الأشعث: يا محمد ابغ لي رجلا له عقل يؤدي عني فقال له أبي: قد