لك، قال: فجئت حتى وقفت على باب ابن هبيرة، فاستأذنت، فلما دخلت عليه قال: أتتك بحائن رجلاه يا غلام النطع والسيف ثم أمر بي فكتفت وشد رأسي وقام علي السياف ليضرب عنقي فقلت: أيها الأمير لم تظفر بي عنوة وإنما جئتك من ذات نفسي وههنا أمر أذكره لك ثم أنت وشأنك. فقال: قل، فقلت: أخلني فأمر من حضر فخرجوا فقلت له: جعفر بن محمد يقرئك السلام ويقول لك: قد آجرت عليك مولاك رفيدا فلا تهجه بسوء، فقال: الله لقد قال لك جعفر [بن محمد] هذه المقالة وأقرأني السلام فحلفت له فردها علي ثلاثا ثم حل أكتافي، ثم قال: لا يقنعني منك حتى تفعل لي ما فعلت بك.
قلت: ما تنطلق يدي بذاك ولا تطيب به نفسي، فقال: والله ما يقنعني إلا ذاك، ففعلت به كما فعل بي وأطلقته فناولني خاتمه وقال: اموري في يدك فدبر فيها ما شئت.
* الشرح:
قوله (مولى يزيد بن عمرو بن هبيرة) في معجم البلدان يزيد بن عمر بن هبيرة كان والي العراق من قبل مروان بن محمد.
قوله (واقرئه مني السلام) فيه جواز تبليغ السلام إلى الغايب والظاهر أنه يجب على الغائب أن يرده إذا بلغه.
قوله (فلا تهجه بسوء) هاجه بالسوء فهاج أي هيجه وأثار عليه فثار وبعثه فانبعث يتعدى ولا يتعدى والمقصود أني أجرت رفيدا عليك فلا تظلمه ولا تؤذيه.
قوله (قال أتتك بخائن رجلاه) خاطب ابن هبيرة نفسه والباء في بخاين للتعدية ورجلاه فاعل أتتك.
قوله (فكتفت) كتفه فهو مكتوف أي شددت يديه إلى خلفه بالكتاف وهو بالكسر حبل يشد به.
قوله (عنوة) أي قهرا وغلبة.
قوله (أخلني) أي تفردني يقال: خلوت به ومعه وإليه وأخليت به إذا انفردت به ففي الكلام حذف وإيصال.
قوله (فردها على ثلاثا) كرره إما تأكيدا لتحقق مضمونه، أو سرورا لاستماع ذلك. أو استصغارا لنفسه عن أهليته للتشرف بهذا الشرف وعن توجه مثل هذه الكرامة الجليلة إليه.
قوله (ثم حل أكتافي) الأكتاف جمع الكتاف، وفي بعض النسخ «ثم خلا كتافي» أي قطعة يقال خلاه واختلاه إذا قطعه.
قوله (لا يقنعني) الإقناع من القناعة أو من القنوع وهو الرضا أي لا يرضيني منك شيء حتى