وجب عليه أن يطلب الرسول ليجد الطريق الثاني فإذا وجده وعرف صدقه بالدلائل والبراهين وجب عليه إطاعته في أوامره ونواهيه وجميع ما جاء به.
قوله: (فنظرت في القرآن) التقدير قلت لهم فنظرت والظاهر أنه لا حاجة إليه.
قوله: (فإذا هو يخاصم به المرجي والقدري والزنديق) المرجي: إما بكسر الجيم وشد الياء للنسبة إلى مرج على وزن معط أو بكسر الجيم وكسر الهمزة وشد الياء للنسبة إلى مرجي على وزن مرجع. قال في النهاية: المرجئة: فرقة من الإسلام يعتقدون أنه لا يضر مع الإيمان معصية كما لا ينفع مع الكفر طاعة سموا مرجئة لاعتقادهم أن الله أرجأ تعذيبهم على المعاصي أي أخره عنهم، والمرجئة تهمز ولا تهمز وكلاهما بمعنى التأخير يقال: أرجأت الأمر وأرجيته إذا أخرته فتقول من الهمز رجل مرجئ وهم المرجئة، وفي النسب مرجئي مثال مرجع ومرجعة ومرجعي وإذا لم تهمز قلت رجل مرج ومرجية ومرجي مثل معط ومعطية ومعطي انتهى.
أقول: قد عرفت مما نقلنا في المجلد السابق أن المرجئية تطلق أيضا على من أخر علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الخلافة، والقدري يطلق على الجبري وهو من ينسب أفعال العباد إلى الله سبحانه، وعلى من يقول بالتفويض بمعنى أن الله تعالى فوض أفعال العباد إليهم ولم يحصرهم بشيء.
والزنديق: هو النافي للصانع والزنادقة فرق منهم من ينكر الصانع بالمرة وينسب هذا العالم إلى الطبائع ومنهم من يقول بالنور والظلمة (1) فيجعل لهذا العالم إلهين اثنين.
قوله: (حتى يغلب الرجال بخصومته) متعلق بيخاصم أي يخاصم كل واحد من الأصناف المذكورة غيره حتى يغلبه بالخصومة ويتمسك في ذلك بظواهر القرآن.
قوله: (إلا بقيم) في الفائق: قيم القوم من يقوم بسياسة امورهم والمراد به هنا من يقوم بأمر القرآن ويعرف ظاهره وباطنه ومجمله ومأوله ومحكمه ومتشابهه وناسخه ومنسوخه بوحي إلهي أو بإلهام رباني أو بتعليم نبوي.
قوله: (فقالوا: ابن مسعود) هو عبد الله بن مسعود بن عقيل الهذلي أسلم قديما وكان سبب إسلامه أنه كان يرعى غنما لعقبة بن أبي معيط فمر به رسول الله (عليه السلام) عند الفرار من أهل مكة فقال: يا غلام هل من لبن فقال: نعم لكن مؤتمن، قال: هل من شاة حائل لم ينزل عليها فحل؟ فأتاه فمسح