ومنقلبنا ومنصرفنا) أي سيرنا إلى الأعداء وانقلابنا في الطريق وفي حال القتال من مكان إلى مكان ومن حال إلى حال وانصرفنا إلى منازلنا، فلما بلغ كلامه إلى هذا المقام علم (عليه السلام) أنه أخطأ في معنى القضاء والقدر (فقال له) على سبيل الإنكار والتوبيخ (وتظن أنه) الواو للعطف على مقدر، أي أظننت قبل الجواب بأن لكم الأجر العظيم وتظن بعده أن سيركم وانقلابكم وانصرافكم وغيرها مما تعلق به القضاء والقدر (كان قضاء حتما) الحتم: مصدر بمعنى إحكام الأمر وإبرامه تقول حتمت عليه الشيء حتما إذا أوجبته وأحكمته عليه بحيث لا يكون في وسعه خلاف ذلك فالوصف به إما للمبالغة أو بجعله بمعنى المفعول أي محتوما محكما مبرما (وقدرا لازما) لا يكون لكم اختيار في متعلقهما ولا قدرة على الفعل والترك حتى تكونوا مجبورين مضطرين إذ القضاء والقدر إذ تعلقا بأفعال العباد يراد بهما الأمر والنهي (1) عنهما وتبيين مقاديرها من حدودها وحسنها وقبحها ومباحها وحظرها وفرضها ونفلها ولا يراد بهما أنه تعالى خلقها وأوجدها.
(أنه لو كان كذلك) أي قضاء حتما وقدرا لازما (لبطل الثواب والعقاب) لأن الثواب نفع يستحقه العبد بالإتيان بالطاعات والاجتناب عن المنهيات والعقاب ضرر يستحقه بالإتيان بالمنهيات والاجتناب عن الطاعات وهما تابعان للاختيار ولا يتحققان مع الإجبار (والأمر والنهي) إذ طلب الفعل وطلب الترك متفرعان على الاختيار ولا يتصوران مع الإجبار، ألا ترى أن من طلب الطيران عن الإنسان وطلب عدم الإحراق عن النار يعده العقلاء سفيها جاهلا مجنونا كاملا (والزجر من الله) لأن زجره للعبد عن المعاصي ومنعه عن الإتيان بها بشرع القصاص وتعيين الحدود ونحوها إنما يتصور إذا كان العبد قادرا على الإتيان بها غير مجبور على تركها؟ ألا ترى أنك