المؤمنين! أخبرنا عن مسيرنا إلى أهل الشام أبقضاء من الله وقدر؟، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): أجل يا شيخ ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله وقدر، فقال له الشيخ: عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين؟
فقال له: مه يا شيخ! فوالله لقد عظم الله الأجر في مسيركم وأنتم سائرون وفي مقامكم وأنتم مقيمون وفي منصرفكم وأنتم منصرفون ولم تكونوا في شيء من حالاتكم مكرهين ولا إليه مضطرين، فقال له الشيخ: وكيف لم نكن في شيء من حالاتنا مكرهين ولا إليه مضطرين وكان بالقضاء والقدر مسيرنا ومنقلبنا ومنصرفنا؟ فقال له: وتظن أنه كان قضاء حتما وقدرا لازما؟، إنه لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر من الله وسقط معنى الوعد والوعيد فلم تكن لائمة للمذنب ولا محمدة للمحسن، ولكان المذنب أولى بالإحسان من المحسن ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب، تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان وخصماء الرحمن وحزب الشيطان وقدرية هذه الامة ومجوسها، إن الله تبارك وتعالى كلف تخييرا ونهى تحذيرا وأعطى على القليل كثيرا ولم يعص مغلوبا ولم يطع مكرها ولم يملك مفوضا ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا، ولم يبعث النبيين مبشرين ومنذرين عبثا. ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار، فأنشأ الشيخ يقول:
«أنت الأمام الذي نرجو بطاعته * يوم النجاة من الرحمن غفرانا» أوضحت من أمرنا ما كان ملتبسا * جزاك ربك بالإحسان إحسانا» * الشرح:
(علي بن محمد، عن سهل بن زياد وإسحاق بن محمد، وغيرهما رفعوه (1) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) جالسا في الكوفة) أي في مسجد الكوفة على حذف المضاف على الظاهر أو هو من باب إطلاق الكل على الجزء (بعد منصرفه) أي بعد انصرافه (من صفين) كسكين اسم موضع