شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ١٨
الحسن الرضا (عليه السلام): (يا يونس لا تقل بقول القدرية فإن القدرية لم يقولوا بقول أهل الجنة ولا بقول أهل النار ولا بقول إبليس) لتوافق كلمتهم على عدم القدر بمعنى الجبر (1) فإن أهل الجنة قالوا:
(الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) حمدوه على أن الهداية منه لا على أن فعلهم للخيرات الموجبة للدخول في الجنة فعله، ولو كان كذلك لكان هذا أولى بالحمد، وفيه مع الدلالة على نفي الجبر دلالة على نفي التفويض أيضا، وقال أهل النار: (ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين) نسبوا الشقاوة إلى أنفسهم باعتبار أن أسبابها صدرت منهم ولو كانت الشقاوة وأسبابها من أفعاله تعالى لكانت نسبتها إليه تكميلا للحجة وإتماما أنفع لهم وقال الشيطان (رب بما أغويتني لازينن لهم في الأرض ولاغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين) وإنما لم يذكر (عليه السلام) تمام الآية مع أن الاستشهاد فيه (2) اكتفاء بالشهرة وحوالة على علم المخاطب به فنسبة

١ - قوله «على عدم القدر بمعنى الجبر» والصحيح أن المراد بالقدرية هنا هو المفوضة وما ذكره الشارح (رضي الله عنه) في تفسير الحديث إلى آخره تكليف، قال صدر المتألهين (قدس سره) في شرح هذا الحديث أن القدرية ويقال لها المفوضة أيضا قوم ذهبوا إلى أن الله تعالى أوجد العباد وأقدرهم على تلك الأفعال وفرض إليهم الاختيار فهم مستقلون بإيجادها على وفق مشيتهم وإرادتهم. وقال الخليل القزويني (رضي الله عنه): المراد بالقدرية هنا المعتزلة وكذلك فسره العلامة المجلسي (رضي الله عنه)، وقد سبق أن هذا الاصطلاح أعني اطلاق القدرية على النافين للقدر شيء غير معروف في النسبة في لغة العرب ولذلك يجب حمل الحديث المشهور «القدرية مجوس هذه الأمة» على الجبريين لعدم اشتهار هذا الاستعمال في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) وأما في أحاديث الأئمة (عليهم السلام) فجرى بعض الأوقات على المشهور عند القوم لأن إرادة غير المشهور يوجب حيرة المخاطب وضلاله. (ش) ٢ - قوله «مع أن الاستشهاد فيه» ليس الاستشهاد في الاستثناء الذي لم يذكره الإمام بل في قوله (رب بما أغويتني) وإنما تكلف الشارح ليوافق ما ذكره في تفسير القدرية والحاصل أن أهل الجنة أنكروا التفويض ونسبوا الهداية إلى الله تعالى وأهل النار نفوه ونسبوا ضلالهم إلى شقوتهم والشقوة بتقدير الله تعالى.
والشيطان نسب غوايته إلى الله تعالى فكلهم أنكروا التفويض بنسبة ما هم عليه إليه تعالى وخطأ من أخطأ منهم إنما هو في نفي التفويض بحيث يلزم منه الجبر، والتفويض والجبر كلاهما مبنيان على أصل فاسد وهو كون وجود الممكن مستقلا في نفسه غير محتاج في البقاء إلى الواجب ولا متعلق به أصلا كموجودين ممكنين مستقلين لهما اقتضاء ان مختلفان لا يحتاج أحدهما في التأثير إلى الآخر، كالشمس تسخن والثلج يبرد، وزيد يذهب إلى المشرق، وعمرو إلى المغرب. فإن تمانع الممكنان فإما أن يجبر أحدهما الآخر بالقهر ويمنعه من اقتضائه، وإما أن يخليه وما يقتضيه لعجز أو غيره وكذلك تصوروا الواجب والممكن مستقلين فإن غلب الواجب على الممكن فهو الجبر وإن خلاه وتركه فهو التفويض، والحق بطلان المبني وأن الممكن يفعل ما يقتضي ذاته بإذن الله ولا يمنعه الله من اقتضائه وليس فعل الممكن ما يقتضي ذاته بأن يكون الله تعالى تركه وخلاه وإنما النسبة بين الممكن والواجب نسبة الخالق والمخلوق وقد مثلنا برئيس الجند وأفراد الجندية. (ش)
(١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354