شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ١٢
ومجوسية لجعلهم أنفسهم شركاء الله تعالى في الخلق والايجاد كما أن المجوس جعلوا لله تعالى شريكا.
الجواب: أن تعدد الشركاء إنما يلزمهم لو لم يقولوا بأن العباد وقدرتهم مخلوقة لله تعالى مغلوبة تحت قدرته القاهرة وهم يقولون بذلك، وبأن سلسلة جميع الموجودات منتهية إليه وهو فرد وحده لا شريك له. ثم أشار إلى أن المراد بالقضاء والقدر هنا هو الحكم والتكليف على التخيير دون الإجبار بقوله «إن الله تبارك وتعالى كلف تخييرا» من الثواب كما قال: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) ولو كانوا مجبورين لم يكن لهم ثواب أصلا «ولم يعص مغلوبا (1) دفع به ما يتوهمه الجبرية من أن أفعال العباد لو كانت مستندة إليهم وأراد الله تعالى منهم فعل الطاعات وترك المنهيات فإذا تركوا الطاعات وفعلوا المنهيات بإرادتهم لزم أن يكون الله تعالى مغلوبا وهم غالبون حيث حصل

1 - قوله «ولم يعص مغلوبا» إذا أراد الله تعالى كون عباده مختارين في أفعالهم واختار بعضهم الشر فإن قلنا: إن فعل الشر بإرادة الله تعالى فمعناه أن الشر باختيار العبد، واختيار العبد بإرادة الله تعالى فينتج أن الشر بإرادة الله تعالى بهذا المعنى، وإن قلنا: إن الشر ليس بإرادة الله فمعناه أنه لا يرضى بالشر ولا يحبه وبذلك يجمع بين ما يدل على أن الشر والخير كليهما بإرادة وما يدل على أن الشر ليس بإرادته. ولكن الناس يقيسون فعل الله على أفعال رؤسائهم وامرأئهم لما أرتكز في خاطرهم من أن الأمير إذا أراد حصول شيء في الخارج كبناء بلد وقهر عدو والقبض على سارق، فإن أطاعه الخدم والأتباع فهو وإلا أجبرهم، ولا يترك الأمر باختيار العبيد يفعلون ما أرادوا، فإن لم يحصل مقصود الأمير فلابد أن يكون لعجزه إذ لم يقدر أن يجبرهم، ويقيسون فعل الله تعالى على ذلك ويقولون قد غلبت إرادة العباد إرادة الله تعالى إذا عصوه وعجز - والعياذ بالله - عن إنفاذ مقاصده ولا يصح ذلك لأنه وإن كان لا يريد المعاصي ولكن يريد أن يقع تركها باختيار العباد لا أن يقهرهم على الإطاعة كالجبارين بل يخليهم وما يفعلون ويأمرهم وينهاهم ويهديهم إلى مصالحهم حتى يحين حين المكافآت والمجازات كالحكومات في مدينة الاجتماع في عصرنا لأن الإنسان خلق مختارا لا يترتب على وجوده آثاره إلا إذا خلى وطباعه، والإنسان المجبور المقهور لا يقدر على إبداع صنعة وتحقيق حقيقة وكشف سر ولا يجهد في زراعة ولا تجارة ولا يفكر ولا يتعقل كما لا ينمو الشجر تحت المركن ولذلك تركه الله تعالى وهو خالقه مختارا وأن لزم منه الشر والعصيان لكن في إجباره شر أكثر أضعافا مضاعفة، وقال الحكماء: ترك الخير الكثير لأجل الشر القليل شر كثير، ولكن الجبارين يقهرونهم مع تساويهم في العبودية والمخلوقية وقال الله تعالى (ولو شاء الله لآمن من في الأرض كلهم جميعا) (ولو شاء لهداكم أجمعين) إلى غير ذلك من الآيات. (ش)
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354