تلك الامور بعده عن يد ذلك السلطان وعن تحت حكمه وتدبيره، والقدر بهذا المعنى وهو المسمى بالتفويض أيضا هو المراد هنا وهو مذهب طائفة من المعتزلة ونحن نسميهم تارة بالقدرية وتارة بالمفوضة، وهاتان الفرقتان وهما الجبرية والقدرية خارجتان عن طريق العدل أولاهما في طرف الإفراط واخراهما في طرف التفريط، والمراد بالأمر بين الأمرين: أمر لا هذا ولا ذاك بل طريق متوسط بينهما وهو أن أفعالهم بقدرتهم واختيارهم مع تعلق قضاء الله وقدره وتدبيره ومشيئته وإرادته وتوفيقه ولطفه وخذلانه بها، وهذا التعلق لا ينافي اختيارهم لأن القضاء والقدر والإرادة وغيرها على قسمين: حتم وغير حتم، والمنافي للاختيار هو الحتم دون غيره، وستعلم وجه بطلان الأولين وتحقق الثالث في مضامين الأحاديث الآتية، وينبغي أن يعلم أن القدرية قد تطلق على الجبرية (1) بناء على أن القدر جاء بمعنى الجبر أيضا والقدر بهذا المعنى أيضا مذكور في هذا الباب، وإنما بسطنا الكلام طلبا للبصيرة فيما هو المقصود في هذا المقام.
«الأصل» 1 - «علي بن محمد، عن سهل بن زياد; وإسحاق بن محمد وغيرهما رفعوه قال:» «كان أمير المؤمنين (عليه السلام) جالسا بالكوفة بعد منصرفه من صفين إذا أقبل شيخ فجثا بين يديه، ثم قال له: يا أمير