إلى الأخذ به، وما نهاهم عنه من شيء فقد جعل لهم السبيل إلى تركه، ولا يكونون آخذين ولا تاركين إلا بإذنه، وما جبر الله أحدا على معصية بل اختبرهم كما قال: (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) قوله (عليه السلام): «ولا يكونون آخذين ولا تاركين إلا بأذنه» أي بتخليته وعلمه. انتهى أقول: هذا التفسير أعني تفسير الإذن بالتخلية والعلم يحتمل أن يكون من العسكري (عليه السلام) وأن يكون من الشيخ (رحمه الله)، وفيه دلالة على أن أفعالهم بقدرتهم واختيارهم وأن علمه الأزلي بها لا يستدعي أن لا يكون لهم قدرة واختيار فيها إذ علمه متعلق بكل ما يوجد في نفس الأمر ومما يوجد فيها أفعالهم وهو لا يوجب شيئا عليهم.
* الأصل:
6 - «علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حفص بن قرط، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من زعم أن الله يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله ومن زعم أن الخير والشر بغير مشيئة الله فقد أخرج الله من سلطانه، ومن زعم أن المعاصي بغير قوة الله فقد كذب على الله ومن كذب على الله أدخله الله النار».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن حفص ابن قرط) بضم القاف، قيل: هو النخعي الكوفي، ذكره الشيخ في كتاب الرجال في أصحاب الصادق (عليه السلام) (عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من زعم أن الله يأمر بالسوء والفحشاء) كالجبرية حيث زعموا أن الله يأمر بهما ويريدهما من العباد (فقد كذب على الله) في قوله «قل إن الله لا يأمر بالفحشاء» وفي غير ذلك من الآيات الدالة على تنزه قدس الحق عنه (ومن زعم أن الخير والشر بغير مشية الله) أي بغير علمه الأزلي بهما إذ قد عرفت أن المشية هي الذكر الأول، أو بغير إرادته فعل الخير وترك الشر، ففيه على الأول: رد على من زعم أنه تعالى لا يعلمها إلا بعد وجودهما، وعلى الثاني:
رد على القائلين بعدم إرادته وأمره ونهيه وتصرفه وتدبيره في أمر خلقه (فقد أخرج الله من سلطانه) إذ القول بعدم علمه أزلا بالكائنات وعدم جريان حكمه على العباد مناف لسلطانه على جميع الممكنات (ومن زعم أن المعاصي بغير قوة الله) التي خلقها في العباد يقدرون بها على الفعل والترك (فقد كذب على الله فيما أنزله من الآيات الدالة على أن معاصي العباد مستندة إليهم (ومن كذب على الله أدخله النار) قد أبطل (صلى الله عليه وآله) مذهب الجبر والتفويض وأثبت أن له تعالى سلطنة على العباد بالإحاطة والأمر والنهي. وأن للعبد قوة على الخير والشر وهذا أمر متوسط بين الأمرين.
* الأصل: