شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ٢٠
من قبيل تعلق العلة بالمعلول والسبب بالمسبب، ثم أشار إلى تفسير هذه الامور بوجه يفيد انتفاء السببية (فقال: يا يونس تعلم ما المشية) حتى تعلم أنها ليست سببا (1) لأفعالنا (قلت: لا، قال: هي الذكر الأول) أي العلم الأزلي السابق على الإرادة المتعلق بالأشياء على ما هي عليه في نفس الأمر فهي تابعة لتلك الأشياء بمعنى أنها مطابقة لها وأن الأصل في هذه المطابقة هو تلك الأشياء حتى أنها لو لم يتحقق لما تعلق العلم بوجودها، والمشية بهذا المعنى ليست سببا لها كما أن علمنا بطلوع الشمس غدا ليس سببا لطلوعها (فتعلم ما الإرادة قلت: لا، قال: هي العزيمة على ما يشاء (2) يعني

١ - قوله «والمشيئة بهذا المعنى ليست سببا» قد سبق كما قلنا في الحاشية السابقة أن المشيئة سبب ويبعد كل البعد أن يكون المشيئة في هذا الحديث غيرها فيما سبق وأن تمحل الشارح فيما سبق في تفسير المشيئة والذي ينبغي أن يحمل عليه كلام الإمام (عليه السلام) هنا وهناك أن المشيئة شيء مخلوق والمخلوق غير ذات الله تعالى ثم أنه الواسطة الوحيدة بينه تعالى وبين سائر خلقه بحيث لا يلزم منه تفويض الله تعالى فعله إلى مخلوقه فهي أول ما خلق الله تعالى قد سمى لوحا أو قلما أو عقلا أولا أو نور خاتم الأنبياء أو الوجود المنبسط الساري ومصحح هذه الإطلاقات الاعتبارات المختلفة في المخلوق الأول فباعتبار أنه الوجود المنبسط والوجود خير محض مرغوب فيه مشتهى بالذات والعدم والموت منفور منهما صح اطلاق المشيئة عليه وباعتبار أنه يدرك نفسه ذاتا وجميع الأشياء بذاته سمى عقلا وذكرا كما في هذا الحديث ومثله سائر الإطلاقات ويمكن أن يكون إطلاق المشيئة عليه باعتبار أنه محل المشيئة فإن جميع ما أراد الله تعالى إيجاده في العالم منتقش فيه وهو بهذا الاعتبار الذكر الأول لأنه محل الذكر كما يطلق على الدعاء المكتوب والذكر المكتوب. (ش) 2 - قوله «هي العزيمة على ما يشاء» هذا الفرق الدقيق بين المشيئة والإرادة غير مراعى غالبا كأكثر فروق اللغة فقد يتسامح الناس فيها والحق ما ذكره (عليه السلام) لأن الإنسان يجد في نفسه بعد سماع كلمة شاء شيئا وبعد كلمة أراد شيئا آخر، فإن «شاء» يدل على رغبته في شيء ورضاه به ولا يدل على عزم في تحصيله أو تهيؤ واستعداد له بخلاف أراد فكأنه يدل على العزم والتهيؤ، قال صدر المتألهين في شرح حديث مضى في باب البداء: المشيئة:
المراد بها مطلق الإرادة سواء بلغت حد العزم والإجماع أم لا، وقد ينفك المشيئة فينا على الإرادة الجازمة كما نشتاق أو نشتهي شيئا ولا نعزم على فعله لمانع عقلي أو شرعي.
قال (قده): والإرادة هي العزم على الفعل أو الترك بعد تصوره وتصور الغاية المترتبة عليه من خير أو نفع أو لذة ولكن الله تعالى بريء من أن يفعل لأجل غرض يعود إلى ذاته، انتهى.
وما في هذا الحديث يؤيد تفسير (قدس سره) وأن المشيئة مقدمة على الإرادة فالمشيئة نظير الشوق فينا، والإرادة نظير التصميم والإجماع وذاته تعالى منزه عن التجزى والتكثر وهذه المعاني متحدة حقيقة متغايرة اعتبارا كسائر صفاته تعالى أو يطلق باعتبار بعض الملائكة المقربين إليه كما مضى نظيره في الصفحة 305 من المجلد الرابع فيكون الذكر الأول عند بعض ملائكته الغير الموكلين بإجراء ما أراده والعزيمة عند الموكلين بالإجراء (المدبرات أمرا). (ش)
(٢٠)
مفاتيح البحث: الشهوة، الإشتهاء (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354