7 - «عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن إسماعيل بن جابر قال: كان في مسجد المدينة رجل يتكلم في القدر والناس مجتمعون، قال: فقلت: يا هذا؟ أسألك؟
قال: سل، قلت: يكون في ملك الله تبارك وتعالى مالا يريد؟ قال: فأطرق طويلا ثم رفع رأسه إلي فقال [لي]: يا هذا لئن قلت: إنه يكون في ملكه مالا يريد إنه لمقهور، ولئن قلت: لا يكون في ملكه إلا ما يريد أقررت لك بالمعاصي، قال: فقلت لأبي عبد الله (عليه السلام) سألت هذا القدري فكان من جوابه كذا وكذا، فقال لنفسه نظر، أما لو قال غير ما قال لهلك.
* الشرح:
(عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن إسماعيل بن جابر قال: كان في مسجد المدينة رجل يتكلم في القدر والناس مجتمعون، سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن القدر فقال: طريق مظلم فلا تسلكوه، وبحر عميق فلا تلجوه، وسر الله فلا تتكلفوه. قال بعض العلماء: معنى القدر ههنا: مالا نهاية له من معلومات الله تعالى فإنه لا طريق لنا إليه ولا إلى مقدوراته، وقال بعضهم: هو ما يكون مكتوبا في اللوح المحفوظ وليس لنا علم بتفصيله فليس لنا أن نتكلفه، وقال بعضهم: هو تقدير الأشياء كلها أول مرة وليس لنا معرفة بكميته وكيفيته وتفصيله فلا يجوز لنا التكلم به. وقال بعضهم: هذه المناهي الثلاث لمن سأله عن القدر وكأنه (عليه السلام) نهى ذلك المخاطب عن طريق معرفة قضاء الله وقدره ونهى كل من يكون في منزله ذلك السائل أن يتكلم في ذلك، فأما أهل العلم والمحققون فلا، وعلى تقدير العموم يقال: المراد نهي المجادلة والمخاصمة والنزاع.
أقول: الحق هو العموم وأنه لا يجوز لنا التكلم إلا بما عرفناه أئمتنا (عليهم السلام) وبما سمعنا عن مخالفينا من معناه مالا يخالف العقل والنقل فإن التكلم به حينئذ على وجه تحقيق الحق والإرشاد لئلا يضل قوم بعد آخرين جائز لمن أحكم دينه وأبرم يقينه مع كمال الاحتياط لئلا ينسب إلى الله تعالى ما هو منزه عنه (قال: فقلت: يا هذا) الخطاب بهذا للاستهانة والاستخفاف (أسألك) استفهام بحسب المعنى (قال: سل، قلت: يكون في ملك الله مالا يريد) كأن الرجل من أهل التفويض إذ هذا السؤال بحالهم أنسب وفي إلزامهم أقرب (قال: فأطرق طويلا) أي أرخى رأسه وجفونه إلى الأرض زمانا طويلا (ثم رفع رأسه إلي فقال: يا هذا لئن قلت: إنه يكون في ملكه مالا يريد أنه لمقهور) أي قلت إنه لمقهور، ويحتمل أن يكون هنا تقديم وتأخير، أي يا هذا إنه لمقهور لئن قلت، فإن قلت:
المقهورية إنما تلزم لو أراد عدم وجود شيء وأوجده الخلق، لا ما إذا لم يرد وجوده. قلت: لعل المراد بما لا يريد إرادة العدم لا عدم الإرادة، واستعمال مثل هذه العبارة في هذا المعنى شائع،