شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ٣٤
عند ذوي الألباب وبالله العصمة والتوفيق، ثم قال (عليه السلام): فأما الجبر فهو قول من زعم أن الله عز وجل أجبر العباد على المعاصي وعاقبهم عليها ومن قال بهذا القول فقد ظلم الله وكذبه ورد عليه قوله (ولا يظلم ربك أحدا) وقوله جل ذكره (ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد) مع آي كثيرة في ذلك، فمن زعم أنه مجبور على المعاصي فقد أحال بذنبه على الله عز وجل وظلمه في عقوبته له، ومن ظلم ربه فقد كذب كتابه ومن كذب كتابه لزمه الكفر بإجماع الأمة، المثل المضروب في ذلك مثل رجل ملك عبدا مملوكا لا يملك إلا نفسه ولا يملك عرضا من عروض الدنيا ويعلم ذلك مولاه منه فأمره على علم منه بالمصير إلى السوق لحاجة يأتيه بها ولم يملكه ثمن الذي يأتيه به وعلم المالك أن على الحاجة رقيبا لا يطمع أحد في أخذها منه إلا بما يرضي به من الثمن وقد وصف مالك هذا العبد نفسه بالعدل والنصفة، وإظهار الحكمة، ونفي الجور فأوعد عبده إن لم يأته بالحاجة أن يعاقبه، فلما صار العبد إلى السوق وحاول أخذ الحاجة التي بعثه المولى للإتيان بها وجد عليها مانعا يمنعه منها إلا بالثمن ولا يملك العبد ثمنها فانصرف إلى مولاه خائبا بغير قضاء حاجته فاغتاظ مولاه لذلك غيظا وعاقبه على ذلك فإنه كان ظالما متعديا مبطلا لما وصف به من عدله وحكمته ونصفته وإن لم يعاقبه كذب نفسه أليس يجب أن لا يعاقبه والكذب والظلم ينفيان العدل والحكمة، تعالى الله عما يقول المجبرة علوا كبيرا.
ثم قال العالم (عليه السلام) بعد كلام طويل: فأما التفويض الذي أبطله الصادق (عليه السلام) وخطأ من دان به فهو قوله القائل: إن الله عز وجل فوض إلى العباد اختيار أمره ونهيه وأهملهم وفي هذا كلام دقيق لم يذهب إلى غوره ودقته إلا الأئمة المهدية من عترة آل الرسول صلوات الله عليهم فإنهم قالوا: لو فوض الله إليهم على جهة الإهمال لكان لازما له رضاء ما اختاروا واستوجبوا به من الثواب ولم يكن عليهم فيما اجترموا العقاب إذ كان الإهمال واقعا وتنصرف هذه المقالة على معنيين إما أن يكون العباد تظاهروا عليه فألزموه قبل اختيارهم بآرائهم ضرورة كره ذلك أم أحب فقد لزمه الوهن، أو يكون جل وتقدس، عجز عن تعبدهم بالأمر والنهي عن إرادته ففوض أمره ونهيه إليهم وأجراها على محبتهم إذ عجز عن تعبدهم بالأمر والنهي عن إرادته فجعل الاختيار إليهم في الكفر والإيمان ومثل ذلك مثل رجل ملك عبدا ابتاعه ليخدمه ويعرف له فضل ولايته ويقف عند أمره ونهيه، وادعى مالك العبد أنه قاهر قادر عزيز حكيم فأمر عبده ونهاه ووعده على اتباع أمره عظيم الثواب وأوعده على معصيته أليم العقاب فخالف العبد إرادة مالكه ولم يقف عند أمره ونهيه، فأي أمر أمره أو نهي نهاه عنه لم يأتمر على إرادة المولى، بل كان العبد يتبع إرادة نفسه وبعثه في بعض حوائجه وفيما الحاجة فصدر العبد بغير تلك الحاجة خلافا على مولاه وقصد
(٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354