شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ٢٠٧
قوله: (وتوفير الفيء) توفير الفيء عبارة عن قسمته (1) على وفق القانون الشرعي وترك الظلم في تقسيمه وعدم تفريقه في غير وجوهه كما فعله الثلاثة ومن تبعهم.
قوله: (ومنع الثغور والأطراف) الثغر: الموضع الذي يكون حدا فاصلا بين بلاد المسلمين والكفار وهو موضع المخافة من أطراف البلاد والأطراف أعم منه.
قوله: (ويذب عن دين الله) الذب: الدفع والمنع حذف مفعوله للدلالة على التعميم أي يدفع عن دين الله كل ما لا يليق به من الزيادة والنقصان.
قوله: (ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة) المراد بسبيل الله: دينه الحق، وبالحكمة: العلم المحيط به الذي أعطاه من فضله، وبالموعظة الحسنة: النصيحة الخالصة المذكرة للعواقب المجردة عن الغش والخشونة، والحجة البالغة: البرهان القاطع الذي لا يحتمل الشك والشبهة وإنما قيد الدعوة (2) بثلاثة أشياء لأن الداعي وجب أن يكن عالما حكيما والمدعو إن كان سلس القياد يكفيه

1 - بل ازدياد الدخل فإنه يزيد بالعدل.
2 - «قيد الدعوة» العلوم تصوريات وتصديقات. والتصديقيات من جهة المادة على خمسة أقسام:
برهان وخطابة وجدل وشعر وسفسطة ولما كان الشعر والسفسطة غير مناسبين لشأن الحجة المنصوب من قبل الله تعالى أمرهم بالدعوة إلى سبيل الله بالحكمة: وهي البرهان، والموعظة الحسنة: وهي الخطابة وقال:
(وجادلهم بالتي هي أحسن) إشارة إلى الجدل وكلام الإمام هنا يشير إلى هذه الثلاث. والحجة البالغة هي الجدل وعلم من ذلك أن وظيفة الإمام في المدينة الفاضلة ليست صرف حفظ النظم ودفع الهرج والمرج بل أهم من ذلك تعليم الآراء المحمودة وتقريرها حتى يعتقد الناس بها ويطيعوا أمره بسهولة وهذا متوقف على كونه عالما إلهيا قادرا على التعليم بالبرهان كالحكماء وبالخطابة زيادة على ذلك إذ ليس كل حكيم قادرا على بيان الحقائق بلسان العامة كي يفهموا الحقيقة ولا يشمئز طباعهم عنها وقادرا على الاحتجاج بالجدليات إفهاما للخصوم المعاندين ومعلوم أن الجمع بين هذه لا يمكن تحققه إلا فيمن ينصبه الله للخلافة ولم يتفق قط لمعاوية وعبد الملك بن مروان. فإن قيل: أي حاجة إلى علم الإمام بهذه الأمور؟ ويكفي فيه علمه بالسياسة وتدبير الملك وجمع الفيء وتجنيد الجنود وحفظ الثغور ويفوض أمر التعليم والاحتجاج إلى العلماء الماهرين فيهما قلنا: إما أن يشترط في الإمام كونه معصوما وإما ان لا يشترط فإن اشترط فلا ريب أنه يعرف ما هو وظيفته من غير خطأ ولا نتكلم فيه وإن لم يكن معصوما جاز أن لا يفوض الأمر إلى أهل الحق أو يمنعهم من المفاوضة والاستدلال والاحتجاج كما منعهم معاوية أو يأمر المتظاهرين بالعلم من أهل الدنيا كأبي هريرة بما يريد ترويجه وبالجملة لم نر من غير المعصومين المتصدين للخلافة ما شرطه الإمام (عليه السلام) هنا ولا ما يستحسنه العقل وبعد اشتراط العصمة ترتفع هذه الشبهة بتا.
ثم أن قوله: «يحرم حرام الله - الخ» يدل على أن إمامة المعصوم ليس بمعنى الحكومة المطلقة التي يستبشعها جميع الأمم فإنها مقيدة بأحكام الله وليس للإمام أن يحكم إلا بحكمه تعالى وحكم الله تعالى هو الذي قبله العامة وأكثر رعاياه وآمنوا به ويرونه سعادة في الدنيا والآخرة ولا فرق بينه وبين الحكومة الدستورية التي يراها أهل زماننا أحسن أنواع الحكومة والفرق أن الحكومة الدستورية مقيدة بآراء العامة والحكومة الإمامية مقيدة بأحكام الله التي آمن بها العامة أيضا وهي أحسن من الحكومة الدستورية البتة إذ اعتبر فيها مع رضا العامة موافقة أحكامها لإرادة الله الواقعية. (ش)
(٢٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354