شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ١٨٦
والصادق والكاذب وبالجملة هو الفارق بين كل ضدين على الإطلاق وليس لأحد من الامة غيره هذه الفضيلة.
قوله: (وأنا صاحب العصا والميسم): هي الحديدة التي يكوى بها وأصله الموسم قلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها ولعل المراد به هنا خاتم سليمان، ويحتمل حمله على ظاهره وقد نقل أنه (عليه السلام) يخرج في آخر الزمان في أحسن الصورة ومعه عصا موسى وميسم يضرب المؤمن بالعصا ويكتب في وجهه مؤمن فينير وجهه وليسم الكافر بالميسم ويكتب في وجهه كافر، فيسود وعند ذلك يسد باب التوبة.
قوله: (والروح والرسل) لعل المراد بالروح: روح الأمين وروح القدس وهو جبرئيل (عليه السلام) فذكره بعد الملائكة من قبيل ذكر الخاص بعد العام، ويحتمل أن يراد به روح المؤمن وهو الروح الذي يقوم به الجسد وتكون به الحياة ويقبل الإيمان والكفر ويؤيد هذا الاحتمال أنه لم يذكر إقرار المؤمنين مع أنهم أيضا أقروا له في الميثاق بمثل ما أقروا لمحمد (صلى الله عليه وآله) فإنهم أقروا لمحمد (صلى الله عليه وآله) بالرسالة وتقدمه وشرفه على جميع الأنبياء وله (عليه السلام) بالولاية والإمامة وتقدمه وشرفه على جميع الأوصياء والمراد بالرسل الأنبياء جميعا من قبيل ذكر الخاص وإرادة العام.
قوله: (ولقد حملت على مثل حمولته) الحمولة بالفتح: الإبل التي تحمل وبالضم: الأحمال والمراد بها هنا المعارف الإلهية والعلوم اليقينية والتكاليف الشرعية والأخلاق النفسية وهي من حيث أنها تحمل صاحبها إلى مقام الانس ومنزل القرب «حمولة» بالفتح ومن حيث أنها حالة في المكلف وصفة من صفاته حمولة بالضم ويجوز إرادة كليهما هنا إلا أن «حملت» على الأول للمتكلم المجهول و «على» بتخفيف الياء وعلى الثاني للغايبة المجهولة و «علي» بتشديد الياء ومثل حمولته قائم مقام الفاعل وتأنيث الفعل باعتبار المضاف إليه.
قوله: (علمت المنايا) هو (عليه السلام) عندنا عالم بجميع ما كان وما يكون وما هو كائن كما دلت عليه الروايات المتكاثرة ودل عليه أيضا ما روي عنه (عليه السلام) «لو شئت أن اخبر كل رجل بمخرجه ومولجه وجميع شأنه لفعلت ولكن أخاف أن يكفروا في برسول الله (1) إلا إني افضيه إلى الخاصة ممن

1 - قوله: «في برسول الله» وذلك لأن رأي الظاهريين من العامة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يعلم الغيب قوله تعالى (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير) فإذا رأوا من أمير المؤمنين (عليه السلام) الأخبار بالغائبات قالوا هو أفضل من رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو كفر. وهذه المسألة من مزال أقدام العوام إذ لا يخالف أحد في أن الرسول والأئمة بل الأولياء والصلحاء قد يخبرون عن الغيب. وقال الحكماء: إن لكل إنسان نصيبا من علم الغيب وإنما يتفاضلون في مقداره وفي صراحته وإبهامه. وقال ابن قبة وهو من قدماء علمائنا الإمامية: إن علم الغيب لا يدعيه في الأئمة إلا مشرك مع أنه استدل بإخبار علي (عليه السلام) بالغيب في النهروان وأن مصرعهم دون النطفة ولم يعبروا النهر على إمامته (عليه السلام). والمحصل من النظر في الأخبار وأقوال الحكماء وعلماء الشرع والتجارب الحاصلة المعلومة بالتواتر أن المنفى هو العلم الذاتي بكل شيء غائب فليس هذا لاحد إلا لله تعالى إذ هو خالق كل شيء ويعلم من ذاته ما يخلق وأما الممكنات كلما بلغوا في الشرف والعلو والفضيلة فعلمهم ليس ذاتيا لهم بل مأخوذ من الله تعالى فلابد أن يكون حاصلا لهم بمقدار ما يرى الله المصلحة في تعليمهم كما قال تعالى (فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من أرتضى من رسول) والأمر دائر عند العوام بين الجهل المطلق بكل غيب والعلم المطلق بكل غيب كما نرى في سائر عقائدهم أنهم إما مفرطون أو مفرطون والمنجم عندهم إما أن يقدر على الأخبار بكل ما سيقع من النظر في أوضاع الكواكب أو يكذب في الجميع ولا يقدر على شيء ولا يفرقون بين أمثال الخسوف والكسوف المبنية على التسييرات وبين أحكام المواليد والخصب والغلاء. (ش)
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354