الأئمة في كل ركن ثلاثة إذ بهم وجود الأرض وثباتها وبقاؤها ولولاهم لتحركت الأرض بأهلها ولم تستقر طرفة عين.
قوله: (أن تميد بأهلها) أي كراهة أن تميد، يقول: ماد يميد ميدا: أي تحرك وزاغ واضطرب.
قوله: (وحجته البالغة) عطف على باب الله أي كان أمير المؤمنين حجته الكاملة التي لا يحتاج بعدها إلى شيء آخر بخلاف غيرها من الحجج مثل العقل والقرآن الكريم فإنهما يحتاجان إلى هذه الحجة.
قوله: (ومن تحت الثرى) لعل المراد بهم الموتى ويحتمل الأعم.
قوله: (وكثيرا ما يقول) نصب على المصدر أو الظرف باعتبار الموصوف و «ما» لتأكيد معنى الكثرة والعامل ما يليه أي يقول قولا كثيرا أو حينا كثيرا.
قوله: (أنا قسيم الله بين الجنة والنار) من جاء يوم القيامة بولايته دخل الجنة ومن لم يجيء بها دخل النار. قال صاحب الطرائف: روى الشافعي ابن المغازلي في كتابه من عدة طرق بأسانيدها عن النبي (صلى الله عليه وآله) والمعنى متقارب فيها أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «إذا كان يوم القيامة ونصب الصراط على شفير جهنم لم يمر عليه إلا من كان معه كتاب بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)» وفي بعض رواياتهم بأسانيدها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لم يجز على الصراط إلا من كان معه جواز من علي بن أبي طالب (عليه السلام)» وروى الشافعي أيضا في كتاب المناقب عن شريك عن الأعمش أنه قال: حدثني المتوكل الباجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) «إذا كان يوم القيامة قال سبحانه لي ولعلي أدخلا إلى الجنة من أحبكما وأدخلا إلى النار من أبغضكما فيجلس علي (عليه السلام) على شفير جهنم فيقول: هذا لي وهذا لك» الحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة ثم إنه قال (عليه السلام) ذلك امتثالا لأمر الله تعالى (وأما بنعمة ربك فحدث) وأيضا فإنه من البيان الذي يجب عليه تبليغه لتعتقده الامة وتعمل بمقتضاه في توقيره (عليه السلام) كما امر وهذا نظير ما روي من طريق العامة عنه (صلى الله عليه وآله) قال: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة» قال أبو عبد الله الآبي: هذا القول في حقه واجب فلا يرد أن مدح الإنسان نفسه قبيح وإن كان حقا وقال بعض الشافعية: مدح الإنسان نفسه إذا كان فيها تنبيه للمخاطب على ما خفى منه من حاله جائز كقول المعلم للمتعلم: اسمع مني فإنك لا تجد مثلي، قال: ومنه قول يوسف (عليه السلام) (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم) على أنه فرق بين إظهار الفضيلة والافتخار بها وقال (عليه السلام): من باب إظهار كرامة الله تعالى شكرا عليها وليس ذلك افتخارا كما قال «أنا سيد أولاد آدم ولا فخر» وبالجملة الإيراد الذي أورده بعض النواصب من جهله لا وجه له أصلا.
قوله: (وأنا الفاروق الأكبر) لفرقه بين الحق والباطل والحلال والحرام والمؤمن والكافر