السالكون في الظلمة بالنور والسراج، قيل: إضافة النور إلى ضميره تعالى دليل على أن إطلاقه عليه ليس على ظاهره.
قوله: (فيها مصباح) أي سراج وهو الحسن (عليه السلام) والمصباح في زجاجة: أي قنديل مثل الزجاجة في الصفاء والشفافية وهو الحسين (عليه السلام) فقد شبه فاطمة (عليها السلام) تارة بالمشكاة وتارة بالزجاجة، وبالاعتبار الثاني جعلها ظرفا لنور الحسين (عليه السلام) لزيادة ظهور نوره باعتبار كون سائر الأئمة من صلبه (عليه السلام) واللام في المصباح ليس للإشارة إلى المصباح الأول فلا يلزم الاتحاد على أن للاتحاد وجها لأن الحسن والحسين (عليهم السلام) نور واحد بجسب الحقيقة وإن كانا في الظاهر نورين.
قوله: (الزجاجة كأنها كوكب دري) أي منسوب إلى الدر باعتبار المشابهة به في الضياء والصفاء والتلألؤ، هذا إن كان بشد الراء والياء وإن كان بشد الياء فقط فهو من الدرء بمعنى الدفع قلبت همزته ياء وادغمت الياء في الياء فإنه يدفع الظلام بضوئه ولمعانه، والمراد بها فاطمة (عليها السلام) فإنها كوكب دري مضيء لامع نوراني فيما بين نساء أهل الدنيا.
قوله: (توقد من شجرة مباركة) توقد بالتاء أو بالياء على صيغة المجهول من الإيقاد تقول وقدت النار تقد وقودا أي توقدت وأوقدتها أنا و «من» ابتدائية أي توقد الزجاجة أو يوقد ذلك المصباح من شجرة مباركة زيتونة كثير النفع وهي إبراهيم (عليه السلام) فإنه ذو بركة عظيمة ونفع كثير لوجود الأنبياء والأوصياء من نسله واستظلال الناس بظلال أغصانه وجرائده وانتفاعهم من أثمار علومه وفوائده إلى قيام الساعة، وفي إبهام الشجرة ووصفها بالبركة ثم إبدال الزيتونة عنها تفخيم لشأنها.
قوله: (زيتونة) بدل عن شجرة لا صفة لها ولذلك فصلها عنها وقرنها بصفتها وإنما عبر عنها بالزيتونة للتنبيه على كثرة نفعها واتصافها بالعلم الذي هو كالزيت في كونه مادة لضيائها ومبدءا لنورانيتها.
قوله: (لا يهودية ولا نصرانية) لعل هذا باعتبار أنه كان مسكن اليهود من طرف الشرق ومسكن النصارى من طرف الغرب.
قوله: (يكاد زيتها يضيء) ضمير التأنيث يعود إلى فاطمة (عليها السلام) والمراد بالزيت العلم على سبيل الاستعارة والتشبيه ومس النار ترشيح يعني يكاد علمها يتفجر من قلبها الطاهر إلى قلوب المؤمنين والمؤمنات بنفسه قبل أن تسأل لكثرته وغزارته وفرط ضيائه ولمعانه.
قوله: (يهدي الله للأئمة) أي لأجلها وتوسطهم أو إليهم.
قوله: (ويضرب الله الأمثال) تشبيها للمعقول بالمحسوس لزيادة البيان والإيضاح قال صاحب الطرائف: روى الشافعي ابن المغازلي بإسناده إلى الحسن قال: سألته عن قول الله عز وجل:
(كمشكاة فيها مصباح) قال المشكاة فاطمة (عليها السلام) والمصباح الحسن والحسين (عليهم السلام) «والزجاجة