أنه لو تحقق الجبر لكان إرسال الرسل وتبشيرهم عبثا لأن الغرض من ذلك هو الإخبار بالأحكام واظهار مناهج الحلال والحرام والتقريب بالطاعة والتبعيد عن المعصية ومع الإجبار لا فائدة في الإخبار والإظهار ولا نفع في التبشير والإنذار، ومالا فائدة فيه فهو لغو عبث. ثم اقتبس من القرآن الكريم لجذب الشيخ من ورطة الهلاك إلى سبيل النجاة فقال (ذلك) أي ذلك الظن المذكور وهو ظن أن القضاء كان حتما والقدر كان لازما (ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار) في حديث الأصبغ بعد هذا القول، فقال له الشيخ: «فما القضاء والقدر اللذين ما سرنا إلا بهما؟ قال:
هو الأمر من الله والحكم ثم تلا قوله: تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه)». أقول: المراد بالأمر والحكم الأمر التكليفي والحكم التخييري دون الحتمي الاجباري وقد أشار إليه (عليه السلام) بقوله: «إن الله كلف تخييرا ونهى تحذيرا» (فإنشاء الشيخ يقول) في كتاب العيون «فنهض الشيخ وهو يقول»:
أنت الإمام الذي نرجو بطاعته * يوم النجاة من الرحمن غفرانا أوضحت من أمرنا ما كان ملتبسا * جزاك ربك بالإحسان إحسانا