شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٥ - الصفحة ١٦
والنهي والتصرف والتدبير والامتحان والاختبار حتى أنه لا تقع طاعة إلا بعونه ولا معصية إلا بخذلانه كما قال (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم) - الآية - وقال (أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) وقال: (ليبلوكم فيما آتاكم) وقال (ليبلوكم أيكم أحسن عملا) وأمثال ذلك كثيرة وكلها بمعنى الاختيار، وسر ذلك أن النفس إذا توجهت إلى الطاعة ومالت إلى الانقياد أقبلها الله تعالى بالإعانة واللطف والتوفيق، وإذا توجهت إلى المعصية ومالت إلى المخالفة ناداها بالزواجر فإن سمعها أقبلها بما ذكر وإلا فيتركها على حالها وهو عبارة عن الخذلان، يدل عليه ما روي من «أن من تقرب إلي بشبر تقربت إليه بذراع - الحديث» وما روي من «أن قلوب بني آدم إصبعين من أصابع الرحمن» وما روي «من أن للقلب اذنين فإذا هم العبد بذنب قال له روح الإيمان لا تفعل، وقال له الشيطان افعل وإذا كان على بطنها نزع منه روح الإيمان» وأيضا لو تحقق التفويض لبطل أمر الدعاء والاستعاذة لا حول ولا قوة إلا بالله (قلت: فجبرهم على المعاصي؟ قال: الله أعدل (1)

١ - قوله «الله أعدل من ذلك» الوهم العامي كما يتصور فعل الله التكويني مضادا للأسباب الطبيعية أو مبائنا لها كذلك يزعم الأفعال الاختيارية للعباد شيئا مضادا أو مباينا لأمره ومشيئته تعالى ألا ترى أن العوام يستدلون على وجوده تعالى بما يرونه مخالفا للعادة والطبيعة أو بخلع الطبيعة والأسباب عن تأثيرها فإذا رأوا شجرة نمت من البذر لم يستدلوا بها على وجود الله تعالى وإنما يستدلون إذا رأوها نمت لا عن بذر وغرس كمعجزات الأنبياء فيتصورون الأسباب شيئا والله تعالى شيئا آخر عدوا مبائنا لها فإن اعتقدوا أن لكل شيء سببا في الطبيعة قالوا: لا نحتاج إلى الله تعالى وإن اعتقدوا عدم التأثير في الأسباب نسبوا المسببات إلى الله تعالى، وأما طريقة العقل والقرآن فهي أن يستدل بالحكم والمصالح والنظم والاتقان الموجودة في الأشياء الطبيعية على أنها مسخرة بأمر الله تعالى كما أشرنا إلى ذلك مرارا فليس وجود الأسباب سواء كانت مجردة روحانية كالعقول والنفوس والأسماء الإلهية أو جسمانية طبيعية كالأدوية لشفاء الأمراض والسقي لنمو النبات مبائنا لتأثير مشيئة الله وإرادته وقدرته فجميع الوسائط مسخرة بأمره والدليل على ذلك الاتقان والنظم في فعل الطبائع كذلك إرادة الإنسان واسطة وسبب وليس فعل الله تعالى ومشيئته وإرادته شيئا مضادا بل ولا مبائنا لفعل أحد من عباده بل العبد يدبر والله يقدر (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) فالإنسان مختار والله تعالى شاء أن يكون مختارا فإذا قتل ظالم رجلا ظلما أرسل الله تعالى ملك الموت لقبض روحه ويعذب القاتل على القتل وليس القتل قتلا إلا بازهاق الروح الذي لا يقدر عليه القاتل وانما يقدر على مقدمات إزهاق الروح قتلا موجبا للقصاص وكذلك صانع الخمر يعصر أو ينبذ ويضع الإناء في مكان مناسب للتخمير ولا يقدر على تحصيل طبيعة الخمر وايجاد الصورة النوعية في العصير إلا أن الله تعالى حتم إيجاد كل شيء تستعد المادة له ففعل الإنسان ووجوده وذاته ومشيئته وارادته موافق ومطابق لإرادة الله ومشيئته فكل ما اختاره الإنسان جرى فعل الله تعالى على ما اختاره لأنه أراد كون الإنسان مختارا. (ش)
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين 3
2 باب الاستطاعة 38
3 باب البيان والتعريف ولزوم الحجة 47
4 باب اختلاف الحجة على عباده 57
5 باب حجج الله على خلقه 60
6 باب الهداية أنها من الله عز وجل 68
7 باب الاضطرار إلى الحجة 75
8 باب طبقات الأنبياء والرسل والأئمة (عليهم السلام)) 108
9 باب الفرق بين الرسول والنبي والمحدث 115
10 باب ان الحجة لا تقوم لله على خلقه إلا بامام 121
11 باب أن الأرض لا تخلو من حجة 122
12 باب أنه لو لم يبق في الأرض إلا رجلان لكان أحدهما الحجة 128
13 باب معرفة الإمام والرد اليه 130
14 باب فرض طاعة الأئمة 150
15 باب في أن الأئمة شهداء الله عز وجل على خلقه 162
16 باب ان الأئمة عليهم السلام هم الهداة 167
17 باب ان الأئمة عليهم السلام ولاة امر الله وخزنة علمه 169
18 باب أن الأئمة عليهم السلام خلفاء الله عز وجل في أرضه 174
19 وأبوابه التي منها يؤتى 174
20 باب أن الأئمة عليهم السلام نور الله عز وجل 177
21 باب ان الأئمة هم أركان الأرض 183
22 باب نادر جامع في فضل الإمام وصفاته 193
23 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ولاة الامر وهو الناس المحسودون الذين ذكرهم الله عز وجل 252
24 باب أن الأئمة (عليهم السلام) هم العلامات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه 260
25 باب أن الآيات التي ذكرها الله عز وجل في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 262
26 باب ما فرض الله عز وجل ورسوله (صلى الله عليه وآله) من الكون مع الأئمة (عليهم السلام) 263
27 باب أن أهل الذكر الذين أمر الله الخلق بسؤالهم هم الأئمة (عليهم السلام) 270
28 باب أن من وصفه الله تعالى في كتابه بالعلم هم الأئمة (عليهم السلام) 275
29 باب أن الراسخين في العلم هم الأئمة (عليهم السلام)) 277
30 باب أن الأئمة قد أوتوا العلم وأثبت في صدورهم 280
31 باب في أن من اصطفاه الله من عباده وأورثهم كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) 281
32 باب أن الأئمة في كتاب الله إمامان: إمام يدعو إلى الله وإمام يدعو إلى النار 283
33 باب [أن القرآن يهدي للإمام] 286
34 باب أن النعمة التي ذكرها الله عز وجل في كتابه الأئمة (عليهم السلام) 287
35 باب أن المتوسمين الذين ذكرهم الله تعالى في كتابه هم الأئمة (عليهم السلام) والسبيل فيهم مقيم 288
36 باب عرض الأعمال على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) 291
37 باب أن الطريقة التي حث على الاستقامة عليها ولاية علي (عليه السلام) 293
38 باب ان الأئمة معدن العلم وشجرة النبوة ومختلف الملائكة 295
39 باب أن الأئمة (عليهم السلام) ورثة العلم، يرث بعضهم بعضا العلم 298
40 باب أن الأئمة ورثوا علم النبي وجميع الأنبياء والأوصياء الذين من قبلهم 301
41 باب أن الأئمة (عليهم السلام) عندهم جميع الكتب التي نزلت من عند الله عز وجل وأنهم يعرفونها على اختلاف ألسنتها 309
42 باب أنه لم يجمع القرآن كله إلا الأئمة (عليهم السلام) وانهم يعلمون علمه كله 312
43 باب ما أعطي الأئمة (عليهم السلام) من اسم الله الأعظم 317
44 باب ما عند الأئمة من آيات الأنبياء (عليهم السلام) 320
45 باب ما عند الأئمة من سلاح رسول الله عليه وآله ومتاعه 323
46 باب أن مثل سلاح رسول الله مثل التابوت في بني إسرائيل 333
47 باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة عليها السلام 334
48 باب في شأن إنا أنزلناه في ليلة القدر وتفسيرها 344
49 فهرس الآيات 354