شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٤٠
الرجل: ظهرت على أعدائي وأظهرني الله على خصمي، يخبر عن الفلج والغلبة، فهكذا ظهور الله على الأشياء، ووجه آخر أنه الظاهر لمن أراده ولا يخفى عليه شيء وأنه مدبر لكل ما برأ، فأي ظاهر أظهر وأوضح من الله تبارك وتعالى، لأنك لا تعدم صنعته حيثما توجهت وفيك من آثاره ما يغنيك، والظاهر منا البارز بنفسه والمعلوم بحده، فقد جمعنا الاسم ولم يجمعنا المعنى، وأما الباطن فليس على معنى الاستبطان للأشياء بأن يغور فيها ولكن ذلك منه على استبطانه للأشياء علما وحفظا وتدبيرا، كقول القائل: أبطنته يعني خبرته وعلمت مكتوم سره، والباطن منا الغايب في الشيء المستتر وقد جمعنا الاسم واختلف المعنى، وأما القاهر فليس على معنى علاج ونصب واحتيال ومداراة ومكر، كما يقهر العباد بعضهم بعضا، والمقهور منهم يعود قاهرا والقاهر يعود مقهورا، ولكن ذلك من الله تبارك وتعالى على أن جميع ما خلق ملبس به الذل لفاعله وقلة الامتناع لما أراد به لم يخرج منه طرفة عين أن يقول له كن فيكون، والقاهر منا على ما ذكرت ووصفت، فقد جمعنا الاسم واختلف المعنى، وهكذا جميع الأسماء وإن كنا لم نستجمعها كلها فقد يكتفي الاعتبار بما ألقينا إليك. والله عونك وعوننا في إرشادنا وتوفيقنا.
* الشرح:
(علي بن محمد مرسلا، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)) هذا الحديث رواه الصدوق في كتاب عيون أخبار الرضا (عليه السلام) وفي كتاب التوحيد من طريق المصنف مسندا قال: حدثنا علي ابن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا علي بن محمد المعروف بعلان، عن محمد بن عيسى عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) (قال: قال: اعلم علمك الله الخير) الخير مفهوم عام شامل لجميع القوانين الشرعية وجزئياتها سواء كانت متعلقة بنظام الدين أو بنظام الدنيا، وهذا الخطاب عام شامل للموجود والمعدوم ومن هو في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات (إن الله تعالى قديم) وجوده ذاتي (1) مستند إلى ذاته غير مسبوق بالعدم ولا معروض له (والقدم

1 - قوله: «وجوده ذاتي» كذا فسر القديم المجلسي (رحمه الله) ورفيعا النائيني (رحمه الله) لأن الذي وجوده عرضي حاصل له من غيره لابد أن يكون مخلوقا كما مر في محله، وأما الشارح القزويني - رحمه الله - فقال: المراد بالله هنا فاعل الأجسام سواء كان واجب الوجود لذاته أم لا، سواء كان بسيطا أو مركبا من عدة بسائط مجردة، وهو عجيب إذ لم يعهد إطلاق كلمة الله على غير واجب الوجود بالذات ولا يصح لا حقيقة ولا مجازا; لأن المجاز أيضا يتوقف على تجويز اللغة ولا يجوز في لغة العرب إطلاق الله مجازا على غيره تعالى حتى عند المشركين، والحامل له على ذلك أنه زعم أن صدر الحديث تقرير مذهب باطل يريد الإمام (عليه السلام) نقضه وهو مذهب الفلاسفة والأشاعرة حيث زعموا أن غير الله تعالى أيضا قديم، أي العقول أو الصفات الثمان التي سموها القدماء الثمانية، وهذا أيضا عجيب; لأن الإمام (عليه السلام) قال: «أعلم علمك الله الخير أن الله قديم» ولو كان هذا تقرير مذهب باطل لم يقل (عليه السلام) أعلم علمك الله الخير; فإنه لا يأمر بتصديق شيء باطل. (ش)
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست