شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٣٨
كامل في ذاته وفعله لا يفتقر إلى شيء أصلا (وإن كل صانع شيء فمن شيء صنع والله الخالق اللطيف الجليل خلق وصنع لا من شيء) أشار بذلك إلى الفرق بين الصانع الحادث الناقص في حد ذاته وبين الصانع القديم الكامل في مرتبة ذاته الحقة القدوسية بأن الأول كما هو نفسه زماني ومادي ومدي وآلي كذلك فعله وصنعه زماني ومادي ومدي وآلي لاستحالة أن يفعل هو بلا علاج ولا مزاولة ولا أداة ولا آلة ولا مادة ولا مدة شيئا، وأما الثاني فكما أن ذاته الحقة منزهة عن جميع النقايص والافتقار كذلك صنعه للمجعولات المادية وفعله للمخلوقات المدية منزه عن النقص والافتقار (1) إلى العلاج والأداة والآلة والمادة والمدة، سبحان من إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون.
فإن قلت: عطف قوله «وإن كل صانع شيء» على جواب لما يشعر بأن هذا أيضا علمناه من السابق، وليس في السابق ما يدل عليه فما وجه ذلك؟
قلت: الوجه فيه أنا إذا علمنا من السابق أن الصانع الحق لطيف بالمعنى المذكور فقد علمنا أن كل صانع غيره ليس بلطيف بذلك المعنى; لاستحالة وقوع التشابه بينهما في أمر من الأمور، فقد دل السابق التزاما على أن كل صانع غيره تعالى فمن شيء صنع.
* الأصل:
2 - علي بن محمد مرسلا عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: قال: اعلم علمك الله الخير أن الله تبارك وتعالى قديم والقدم صفته التي دلت العاقل على أنه لا شيء قبله ولا شيء معه في ديموميته فقد بان لنا بإقرار العامة معجزة الصفة أنه لا شيء قبل الله ولا شيء مع الله في بقائه، وبطل قول من زعم أنه كان قبله أو كان معه شيء، وذلك أنه لو كان معه شيء في بقائه لم يجز أن يكون خالقا له لأنه لم يزل معه، فكيف يكون خالقا لمن لم يزل معه. ولو كان قبله شيء كان الأول ذلك الشيء لا هذا وكان الأول أولى بأن يكون خالقا للأول، ثم وصف نفسه تبارك وتعالى بأسماء دعا الخلق إذ خلقهم وتعبدهم وابتلاهم إلى أن يدعوه بها فسمى نفسه سميعا، بصيرا، قادرا قائما، ناطقا، ظاهرا، باطنا، لطيفا، خبيرا قويا، عزيزا، حكيما عليما وما أشبه هذه الأسماء، فلما رأى ذلك من أسمائه القالون المكذبون وقد سمعونا نحدث عن الله أنه لا شيء مثله ولا شيء من الخلق في حاله قالوا: أخبرونا إذ زعمتم أنه لا مثل لله ولا شبه له، كيف شار كتموه في أسمائه الحسنى فتسميتم بجميعها؟

1 - قوله: «عن النقص والافتقار» إذا كان صنعه من شيء لزم وجود شيء كالمادة قبل وجوده تعالى أو معه وهو يستلزم كون المادة واجب الوجود بالذات، ويلزم منه تعدد الواجب وهو باطل فلابد أن تكون المادة مخلوقة ولا يجوز أن يكون صنعه تعالى عن شيء. (ش)
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»
الفهرست