شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٤٣
القضاء به بعد لتوقف تعلقه (1) به على حصول مصالح وشرائط وأمور خارجة عن ذات الأجل عند حضوره فإن حصلت تلك الأمور يتعلق به القضاء فيصير مبرما وإلا فلا وتعلق العلم الأزلي بحصولها مثلا عند حضور ذلك الأجل لا يقتضي تقدم القضاء عليه وهذا ناظر إلى قوله (وأجل مسمى عنده) معناه: الله أعلم أن الأجل المسمى المعلق، حكمه عنده، إن شاء أمضاه بقدرته واختياره، وهذا معنى البداء هنا.
وقال بعض الأصحاب: المراد بالأجل المحتوم الأجل لمن مضى فلا بداء فيه لانقضائه وإمضائه ولا قدرة على ما مضى وبالأجل الموقوف الأجل لمن يأتي وفيه البداء لتجدده بالقدرة، فالفرق بين الأجلين في جريان البداء في الثاني، وعدم جريانه في الأول وإلا فكل من الماضي والآتي محتوم بالنسبة إليه تعالى. وفيه أن كون الآجال الاستقبالية كلها موقوفة محل نظر لجواز أن يكون بعضها مما حتمه الله تعالى وقضى به في الأزل فلا يجري فيه البداء ولا يقع فيه المحو.
* الأصل:
5 - أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط، عن خلف بن حماد، عن ابن مسكان، عن مالك الجهني قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: (أولم ير الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا) قال: فقال، لا مقدرا ولا مكونا، قال: وسألته عن قوله: (هل

1 - قوله: «بعد لتوقف تعلقه به» هذا الحديث أيضا لا يدل على البداء بالمعنى المصطلح أعنى تغيير المقدرات.
والأجل قد يكون محتوما وقد يكون موقوفا نظير أن الأمر قد يكون مطلقا وقد يكون مشروطا ولا يكون شيء واحد مأمورا به مطلقا ومشروطا معا، مثلا: الحج واجب مشروط بالاستطاعة، وليس له وجوب آخر غير مشروط، وكذلك عمر من يصل رحمه ويتصدق طويل بسبب صلة الرحم والصدقة وليس له أجل آخر قريب غير مشروط، وإنما يكون البداء إذا كان لشيء واحد بعينه أجلان لا أن يكون لشيء أجل محتوم ولشيء آخر أجل موقوف فإن قيل إذا كان لشيء أجل موقوف على شرط فلابد أن يكون له أجل آخر غير موقوف على فرض عدم ذلك الشرط، قلنا لا نسلم ذلك بل الأجل المسمى الذي تعلق علم الواجب تعالى بوقوعه هو الأجل الموقوف على الشرط الذي علم تعالى بوجوده وحصوله وليس غيره أجلا مقدرا في علمه تعالى، مثلا: أبو لهب قضى عليه بأنه سيصلى نارا ذات لهب بسبب كفره وليس له قضاء آخر بأنه يدخل الجنة ولا بأنه يدخل النار ولو بغير سبب كفره حتى يلزم الجبر، وغاية ما يمكن أن يتوهم هنا قضية منطقية غير بتية لم تثبت في قضائه تعالى ولم يتعلق بها مشيئته وهو أن زيدا لو لم يصل رحمه كان عمره قصيرا لكنه يصل في علم الله فلا يكون عمره قصيرا وإن بنينا على تسمية هذه القضايا قضاء وقدرا ومشية وإرادة يكون كل ممتنع بالغير مقضيا مقدرا، مثلا:
اليوم مظلم إن لم يطلع الشمس قضاء إلهي فيكون طلوعها وإضاءة النهار بداء لأنه تغيير القضاء، وبالجملة فلابد لإثبات البداء من التماس دليل آخر غير هذا، ولذلك الحديث بيان آخر سنشير إليه في موضع أليق إن شاء الله تعالى. (ش)
(٢٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 ... » »»
الفهرست