أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا) فقال كان مقدرا غير مذكور.
* الشرح:
(أحمد بن مهران، عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن علي بن أسباط عن خلف بن حماد، عن ابن مسكان، عن مالك الجهني) كأنه مالك بن أعين وقد قيل إنه كان مخالفا ولم يكن من هذا الأمر في شيء وقيل في شأنه رواية دالة على مدحه بل على توثيقه إلا أنه هو راويها (قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: (أولم ير الإنسان)) الهمزة لإنكار السلب أو لتقرير الإثبات (أنا خلقناه من قبل) أي قدرناه بالإرادة والمشية من زمان وجوده أو من قبل أن يكون إنسانا أو من قبل أن يكون له صورة ومثال في عالم الإمكان، وهذا أنسب; لأن دلالته على الابداع أظهر (ولم يك شيئا) حال عن المفعول.
(قال: فقال: لا مقدرا ولا مكونا) (1) بل كان معدوما صرفا وفيه دلالة على أن المعدوم ليس شيئا وإنما قدم المقدر على المكون ولم يعكس مع أن العكس أتم فائدة باعتبار أن نفي التقدير مستلزم لنفي التكوين فليس لنفي التكوين بعده كثير فائدة بخلاف نفي التكوين فإنه لا يستلزم لنفي التقدير لوجهين; أحدهما: أن المقصود الأصلي هاهنا نفي التقدير ونفي التكوين مقصود بالعرض والمقصود الأصلي أولى بالتقديم.
ثانيهما: أن التقدير مقدم على التكوين في نفس الأمر فقدمه في الذكر لرعاية التناسب ثم المراد بالمكون إما المادة الانسانية مثل النطفة والعلقة وغيرهما أو الصورة الانسانية الحاصلة بعد تكامل الأجزاء وتمام الأعضاء حتى صارت قابلة لفيضان الروح (قال: وسألته عن قوله: هل أتى على الإنسان) الاستفهام للتقرير. وقال أبو عبيدة: «هل» هاهنا بمعنى قد (حين من الدهر) أي طايفة من الزمان (لم يكن شيئا مذكورا) حال عن الإنسان (فقال كان مقدرا غير مذكور) أشار إلى أن النفي راجع إلى القيد أي كان مقدر الوجود ذلك الحين عند كونه نطفة أو علقة غير مذكور بين أهل الأرض وأهل السماء من الملائكة وغيرهم بالإنسانية إذ ما لم تكمل صورته ولم تتم أعضاؤه وجوارحه ولم يتعلق به الروح الإنسانية لا يسمى إنسانا، وفي هذين الحديثين دلالة على