شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٥٤
الله أخبر محمدا (صلى الله عليه وآله) بما كان منذ كانت الدنيا وبما يكون إلى انقضاء الدنيا) من الأمور الكلية والجزئية والحوادث اليومية (وأخبره بالمحتوم من ذلك) أي مما يكون إلى انقضاء الدنيا والمراد بالمحتوم ما يكون محكما واجب الوقوع (واستثنى عليه فيما سواه) (1) بأن قال: إنه سيقع إن قضيت أو إن أردت أو إن أوجدت على تقدير الحكمة والمصلحة والبداء إنما يكون في هذا القسم لا فيما يكون حتما ولا فيما كان لأنه وقع فلا يصح أن لا يقع، وقيل هاهنا أيضا المراد بالمحتوم ما كان، وبغيره - وهو ما استثنى عليه - ما يكون - فإن كل ما يكون يجري فيه البداء ولا يجري البداء في شيء مما كان إذ لا بداء بعد القضاء. وفيه ما مر من أن بعض ما يكون لا يجري فيه البداء أيضا كما يرشد إليه بعض الروايات.
* الأصل:
15 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت قال: سمعت الرضا (عليه السلام) يقول: ما بعث الله نبيا

١ - قوله: «واستثنى عليه فيما سواه» صريح في التأويل الذي نقل عن الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة وحاصله أن كل شيء يتوهم وقوع البداء فيه ليس مما قضى به الله تعالى على البت ولا أخبر أنبياءه ورسله كذلك بل أخبرهم على الاحتمال وإمكان وقوع الخلاف وباصطلاح فقهائنا أخبرهم بالاقتضاء لا العلية التامة، وعلى هذا فلا بداء بالمعنى المتبادر المصطلح عليه واعتقادي أن كلام الشيخ هو الحاسم لمادة عويصة البداء وتوجيه لجميع ما ورد في أحاديثنا من هذه الكلمة ولا يستغنى عنه القائل بساير التأويلات مما ذكره في بحار الأنوار وغيره منها تأويل الصدوق (رحمه الله) وهو أن البداء ليس تغيير حكم وقضاء راجع إلى شخص بعينه بل إثبات حكم بعد زوال حكم آخر وهو النسخ أو إيجاد شيء بعد إفناء شئ آخر كإحياء زيد بعد إماتة عمرو، كما مر تفصيله، ومنها تأويل السيد المحقق الداماد (قدس سره) وهو أن البداء تغيير حال شخص بعينه في التكوين مثل إماتة زيد بعد مضي أجله وشفائه بعد انقضاء مدة مرضه وإغنائه بعد اقتضاء المصلحة فقره نظير النسخ فإنه تغيير الحكم الشرعي بعد انقضاء مدته واعترض المجلسي عليه الرحمة على مثله بأن هذا ليس معنى البداء.
أقول: لأن المصطلح منه هو تغيير قضاء بالنسبة إلى شخص واحد في زمن واحد. ومنها تأويل صدر المتألهين (قدس سره) نقله المجلسي (رحمه الله) بعنوان بعض الأفاضل وقد مر ولا حاجة إلى نقل عبارته هنا. ومنها ما نقله عن بعض المحققين ومراده الميرزا رفيعا النائيني - (قدس سره) - قال: تحقيق القول في البداء أن الأمور كلها عامها وخاصها ومطلقها ومقيدها وناسخها ومنسوخها ومفرداتها ومركباتها وأخباراتها وإنشاءاتها بحيث لا يشذ عنها شيء منتقشة في لوح، والفائض منه على الملائكة والنفوس العلوية والنفوس السفلية قد يكون الأمر العام المطلق أو المنسوخ حسب ما تقتضيه الحكمة الكاملة من الفيضان في ذلك الوقت ويتأخر المبين إلى وقت تقتضى الحكمة فيضانه فيه وهذه النفوس العلوية وما يشبهها يعبر عنها بكتاب المحو والإثبات، والبداء عبارة عن هذا التغيير في ذلك الكتاب، انتهى. ولا يفهم منه شيء غير ما قاله صدر المتألهين من نسبة التغيير إلى علم بعض النفوس العلوية أو النفوس الفلكية. والظاهر من المجلسي (رحمه الله) أنه غير تأويل الصدر ولعل نظره إلى أن لفظه غير لفظ الصدر لا أن معناه غير معناه. ومنها ما نقله عن السيد المرتضى (قدس سره) في جواب مسائل أهل الرأي أن البداء في اصطلاح الأئمة هو النسخ لا غيره، ولا يخفى أن جميع هذه الوجوه لا تستغنى عن كلام الشيخ الطوسي (رحمه الله) إن صح ما روي في الموارد الخاصة التي صرح فيها بالتغير. (ش)
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست