(وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك) في كونه وصفا له تعالى مجازا باعتبار أنه وصف لوليه حقيقة، ولما أشار إلى أن نسبة الأسف إليه تعالى مثل نسبة الطاعة ونظايرها في الآيات المذكورة إليه وبذلك لا يثبت امتناع اتصافه بالأسف، أشار إلى البرهان عليه تحقيقا لقوله وليس أن ذلك يصل إلى الله تعالى كما يصل إلى خلقه بقوله:.
(ولو كان يصل إلى الله الأسف والضجر) الضجر - محركة -: الغلق من الغم.
(وهو الذي خلقهما وأشباههما) الواو الأولى للحال والثانية للعطف على الأسف أو على مفعول خلقهما، والمراد بأشباههما نظايرهما التي نسبت إليه سبحانه (لجاز لقائل هذا) أي هذا القول وهو أن الأسف والضجر يصل إلى الله (أن يقول أن الخالق) للأشياء الواجب لذاته (يبيد) أي يهلك وينقطع وجوده (يوما ما) وفي وقت من الأوقات (لأنه إذا دخله الغضب والضجر دخله التغير); لأن الغضب هو ثوران القوة والتغير على الغير لقصد الانتقام والتشفي. والضجر اضطراب النفس وتغيرها خوفا من فوات المقصود أو لحوق الضرر (وإذا دخله التغير لم يؤمن عليه الإبادة) أي إهلاك التغير إياه; لأن التغير المفرط كثيرا ما يهلك صاحبه دفعة وقد يورث أمراضا أخر مهلكة ولو بعد حين، وفناء الواجب بالذات وإبادته ممتنع (ثم لم يعرف المكون من المكون ولا القادر من المقدور عليه ولا الخالق من المخلوق) لوقوع التشابه بينهما باعتبار اتصاف كل منهما بصفات الآخر ولاشتراكهما في معنى الإمكان والحدوث; لأن كل متغير ممكن حادث، والظاهر أن هذا دليل آخر على المطلوب (تعالى الله عن هذا القول) المستلزم لتجويز الفناء على الخالق وعدم الفرق بينه وبين المخلوق (علوا كبيرا) في وصف العلو بالكبير إشعار بأنه لا يبلغ أحد كنه علوه تعالى (بل هو الخالق للأشياء) كلها في سلسلة نظام الوجود (1) (لا لحاجة) إلى شيء منها لأنه الغني