شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٢٦
واستيصالهم (فقال: إن الله تعالى لا يأسف كأسفنا); لأن الأسف من تغير المزاج وثوران القوة الغضبية وانفعال النفس عن المكاره الواردة عليها وكل ذلك على الله محال (ولكنه خلق أولياء لنفسه) يحبهم ويحبونه ويذكرونه في جميع الحالات ولا يغفلون عنه في وقت من الأوقات (يأسفون ويرضون) أي يغضبون على من خالف حبيبهم ويحزنون به أشد الحزن ويرضون عمن أطاعه ويتبع مرضاته (وهم مخلوقون مربوبون) خلقهم الله على أحسن الصور والهيئات ورباهم إلى ما قدر لهم من الحالات والكمالات (فجعل رضاهم رضا نفسه وسخطهم سخط نفسه) لكمال القرب والاتصال بينه وبينهم حتى يظن الجهلة والغلاة أنهم هو، وليس كذلك لوجوب المغايرة بين الخالق والمخلوق والرب والمربوب.
(لأنه جعلهم الدعاة إليه والأدلاء عليه) يدعون عباد الله بعد خوضهم في بحار الفتن والآفات وتوغلهم فيما اكتسبوه من الآثام والسيئات إلى الإقرار بوجوده ووحدانيته في الإلهية وتفرده في الربوبية وتوحده باستحقاق الطاعة والعبادة، ويدلونهم على ذلك بالحجج البالغة والدلائل القاطعة والبراهين الواضحة (فلذلك صاروا كذلك) أي فلذلك المذكور من كونهم أولياء الله والدعاة إليه والأدلاء عليه صاروا بحيث يكون رضاهم رضاه وسخطهم سخطه حتى نسب سبحانه أسفهم بقوله (فلما آسفونا) إلى ذاته المقدسة عن الاتصاف به.
(وليس أن ذلك) أي ليس المقصود أن الأسف (يصل إلى الله تعالى كما يصل إلى خلقه); لأن ذلك محال كما ستعرفه (لكن هذا) أي نسبة أسف الأولياء إلى نفسه في هذه الآية.
(معنى ما قال من ذلك) القبيل.
(وقد قال: من أهان لي وليا) أي من استحقر وليا لي واستخف به وأذله (فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها) مبارزة الرجل ظهوره من الصف طلبا للمقاتل، فقد نسب سبحانه المحاربة التي من شأنها أن تكون وصفا للولي لتعلق الإهانة به إلى نفسه المقدسة تعظيما لوليه وتوقيرا له حتى كان محاربته محاربة ذاته المقدسة (وقال: (ومن يطع الرسول فقط أطاع الله) وقال: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم)) جعل الله سبحانه إطاعة الرسول وبيعته ويده إطاعة الله وبيعته ويده (فكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك) من أنه تعالى جعل ما للأولياء وعليهم لذاته المقدسة وعليها. وهذا شايع بين المحب والمحبوب إذا كانت المحبة في غاية الكمال.
(٢٢٦)
مفاتيح البحث: الحزن (1)، الأكل (1)، الظنّ (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»
الفهرست