الأعمال والعقائد; لأن نظام الدين والدنيا ونظام الحقيقة الإنسانية وكمالها إنما يحصل بالفضل والعلم، وتفاوت أقدار الرجال إنما هو بحسب تفاوت مراتبهم في الفضل والكمال.
(عصمنا الله وإياكم) عن سبيل الباطل والفساد (بالهدى) إلى سبيل الحق والرشاد، هذا دعاء شامل لمن تبعه من العباد إلى يوم المعاد (وثبتنا وإياكم على التقوى) وهي الإتيان بالطاعات والاجتناب عن المنهيات تابعة للخوف الحاصل من مشاهدة آيات الوعيد وما صرحت به الدنيا من انصرام لذاتها وانقطاع شهواتها وما كشفت عنه عبرها من العقوبات النازلة على من خالف فيها ربه وأوقف عليها همه وحصر فيها قصده فإن من حبس قلبه على تلك المشاهدة أفاض الله تعالى عليه صورة خشيته وهي مستلزمة للتقوى ومن ثم قيل: المتقي هو الذي يجعل بينه وبين عذاب الله وعقوباته العاجلة والآجلة وقاية من الطاعات وترك المنهيات.
(وأستغفر الله لي ولكم) ختم بالاستغفار للتنبيه على أنه الأصل العظيم للسالك في رفع الموانع وقطع العلائق المانعة من السلوك على وجه الكمال; لأن السالك وإن اجتهد في السير وبالغ في التقوى فهو بعد في مقام التقصير، والتقصير مانع عظيم، والرافع له هو الاستغفار، وأيضا للسالك مقامات كثيرة (1) بعضها فوق بعض إلى أن يبلغ أعلاها وهو مقام الفناء في الله، ولا ريب في أن كل مقام