إشارة إلى ما يجب على السالك مراعاته ليتم سلوكه وسيره إلى الله تعالى فإنه يجب عليه أولا أن يعلم الطريق الموصل له إلى المطلوب، وثانيا أن يجتنب ما يخرجه عن هذا الطريق ويدخله في طريق الضلال وهو الأعمال السيئة، وثالثا أن يرفع عنه الأغلال المانعة من السير وهي الذنوب السابقة، ولما كان تحصيل هذه الأمور لا يمكن بدون الهداية من الله والاستعانة به طلب الهداية منه أولا وعاذ من شرور النفس وسيئات الأعمال التي من مقتضياتها ثانيا، وطلب غفران الذنوب ورفع الأغلال ثالثا، والله ولي التوفيق.
(ونشهد أن لا إله الله وأن محمد عبده ورسوله بعثه بالحق) أي أرسله بدين الحق الذي لا يعتريه الباطل (نبيا دالا عليه) أي على الله أو على الحق الذي هو دينه (وهاديا إليه فهدى به) أي فهدانا الله بمحمد (صلى الله عليه وآله) أو هدانا محمد بدين الحق (من الضلالة) والوجهان يأتيان في قوله (واستنقذنا به من الجهالة) قد مر أنه بعث في زمان شاع فيه الضلالة والجهالة ولم يكن فيه إمام عدل يهتدى به ولا قانون حق يقتدى به (من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) أي ظفر بالخير ظفرا عظيما لا يبلغ عقل البشر إلى كنه حقيقته وكمال وصفه (ونال ثوابا جزيلا) لكون سيرته القصد وطريقته الرشد وقوله الفضل وأمره العدل وفعله الحق ونيته الصدق، وكل من كان كذلك فله الأجر الجميل والثواب الجزيل (ومن يعص الله ورسوله) وضع الظاهر موضع الضمير إذ ظاهر المقام ومن يعصهما للدلالة على تعظيم الله سبحانه إذ الضمير يوهم التسوية ولعل هذه علة الذم فيما رواه مسلم عن عدي بن حاتم أن رجلا خطب عند النبي (صلى الله عليه وآله) فقال: «من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى» فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «بئس الخطيب أنت! قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى».
(فقد خسر خسرانا مبينا واستحق عذابا أليما) إنما قال «استحق عذابا» ولم يقل «نال عذابا» كما قال «نال ثوابا» للطيفة لا تخفى على ذوي البصاير، وينبغي أن يعلم أن فائدة القضية الأولى أعني