شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢١٢
معرفته ومعرفة ربوبيته (وتمكن فيهم طاعته) بإيجاد القوة والقدرة عليها، و «تمكن» إما من التمكن تحذف إحدى التاءين «وطاعته» على الأول مفعول والفاعل هو الله تعالى وعلى الثاني فاعل.
(نحمده بجميع محامده كلها على جميع نعمائه كلها) المحامد جمع المحمدة وهي ما يحمد به من صفات الكمال ونعوت الجلال، وفيه تعميم لحمده على وجه الاجمال من جهة المحمود به ومن جهة المحمود عليه، وذلك يتصور على وجهين: الأول أن يكون بإزاء فرد من الثاني فرد من الأول، وثانيهما أن يكون بإزاء كل فرد من الثاني جميع الأفراد من الأول، ولا ريب في أن حمده تعالى بأحد هذين الوجهين على سبيل التفصيل متعذر لنا، وإنما المقدور لنا هو حمده كذلك على سبيل الإجمال. ثم إنه يحتمل أن من حمده كذلك كان له ثواب من حمده على سبيل التفصيل وبه يشعر ظاهر كلام بعض العامة.
وقال بعضهم: إنه يثاب بأكثر من ثواب من حمده على بعض نعمائه، ولا يبعد أن يكون له ثواب بكل فرد فرد إلى آخر الأفراد، ولكن ثوابه دون من أتى به على التفصيل وإلا لم يكن للتفصيل فائدة (ونستهديه لمراشد أمورنا) أي لمقاصد الطرق التي توصلنا إلى الأمور المطلوبة عنا من المعارف والأحكام والأخلاق.
(ونعوذ به من سيئات أعمالنا ونستغفره للذنوب التي سبقت منا) (1) في هذه الفقرات الثلاث

1 - قوله: «ونستغفره من الذنوب التي سبقت منا» تأوله علماؤنا بحيث لا ينافي ما دل عليه العقل من وجوب عصمة الحجج (عليهم السلام) وما دل عليه النقل بالضرورة من أن قولهم وفعلهم وتقريرهم حجة، وهذا واضح جدا وإن خالف فيه حشوية أهل الحديث لعدم تجرئهم على رد الأحاديث الدالة على صدور العصيان عنهم ولا على تأويلها على خلاف الظاهر ويرون أن رد الخبر يوجب الخروج من الدين والتأويل يوجب اللعب بأحكام الشرع وهو فتح باب للخروج عن جميع العقايد ولا يعلمون أن ذلك يناقض مذهبهم إذ يسهل أمر الخروج من الدين واللعب بأحكام الشرع; لأن الخبر المروي عن المعصومين (عليهم السلام) يتطرق إليه على مذهب أهل الحق احتمال كذب الراوي فقط أو سهوه وغلطه فإذا جوزنا الخطأ والمعصية على المعصومين (عليهم السلام) تطرق إلى الخبر مع احتمال غلط الراوي غلط المروي عنه أيضا فيعظم الخطب، ولو ادعى أحد أن المسلمين قاطبة مجمعون على عصمة من قوله حجة لم يجازف لأنا لا نعقل أن مسلما رأى أو تحقق لديه أن النبي (صلى الله عليه وآله) أكل شيئا، إلا حكم بحليته أو عمل عملا إلا استنبط جوازه ولو احتمل كونه مخطئا - نعوذ بالله - أو عصى بفعله لم يجز الحكم بجواز ما فعل فمن أنكر لفظا عصمة الحجة لا يوافق لسانه. وأما تأويل ما ورد في نسبة العصيان والذنب إليهم فأحسنه ما اختاره صدر المتألهين تبعا للأربلي صاحب كشف الغمة، وحاصله: أن توجههم إلى أمر معاشهم والتفاتهم إلى ضروريات عالم الإمكان دعاهم إلى التخشع والاعتذار; لأن حسنات الأبرار سيئات المقربين، ألا ترى أن من اشتغل بأمر مولى يعلم أنه لا يرضى عنه إلا بذلك الاشتغال مع كونه في طاعته يتأسف على عدم الحضور الدائم لديه، وبينوا في التفاسير وكتب الكلام وجوها حسنة لا يعسر على الطالب الاطلاع عليها. (ش)
(٢١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»
الفهرست