شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢١٠
الذوات والصفات وما قدر له من المقدار والكيفيات وما ذلك إلا لملاحظة سلطانه وعزته وغلبته على جميع الأشياء كما قال سبحانه (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها) (وكلت عن إدراكه طروف العيون) الطروف بضم الطاء والراء والفاء أخيرا: الطموح جمع طارف بمعنى طامح وفي الفايق طرفت عينه أي طمحت يعني حسرت عن إدراكه العيون الطامحة المرتفعة إلى الشيء ليراه كما هو، وهنا احتمالات أخر; الأول: أن يكون الطروف جمع الطرف بالتسكين وهو تحريك الجفن بالنظر كما في المغرب أو هو العين كما في الصحاح والإضافة حينئذ بيانية وفيه بعد; لأن الطرف بمعنى العين لا يثنى ولا يجمع لأنه في الأصل صرح به مصدر كما صرح به في الصحاح.
الثاني أن يكون الطروف جمع الطرف بالكسر والتسكين وهو الكريم من الخيل ويراد هنا الكريم مطلقا والمراد بالعيون الكريمة العيون الصحيحة الكاملة في إدراكها. الثالث أن يكون الطروف مصدرا بمعنى النظر يقال: طرفت عينه إذا نظرت وما ذكرناه أولا هو الأحسن والأتقن، وفي بعض النسخ طروق العين من الطرق بالقاف وهو الدق أي دق العيون أبواب مدركاتها حتى تدخل فيها (وقصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق) لما عرفت أن الوهم لا طريق له إلى قدس الحق، ويمكن أن يراد بالأوهام ما يتناول العقل أيضا لعدم استغنائه في الإدراك عن الاستعانة بالوهم غالبا ولأن العقل في باب معرفة الحق مثل الوهم في أن ما أدركه لا يوجد في عالم القدس.
(الأول قبل كل شيء ولا قبل له والآخر بعد كل شيء ولا بعد له) قد مر شرح ذلك مفصلا.
(الظاهر على كل شيء بالقهر له) على الإيجاد والإفناء وإجراء جميع ما أراد، فكل شيء مسخر مغلوب له عند حكمه وإرادته، عاجز مقهور تحت قهره وغلبته وليس ظهوره عليه بمعنى الركوب والتسنم لذراه كما مر (والمشاهد لجميع الأماكن) بالعلم والإحاطة (بلا انتقال إليها); لأن الانتقال من خواص الأجسام المنزه قدسه عنها وهذا قرينة لصرف شهوده لجميع الأماكن عن الحلول فيها إلى ما ذكرناه لاستحالة ذلك بدون الانتقال (لا تلمسه لامسة ولا تحسه حاسة) لأنه ليس من الكيفيات الملموسة والمحسوسة (هو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) لاستحقاق العبادة والإلهية بالنسبة إلى أهل السماء وأهل الأرض جميعا وقد مر شرحه مفصلا.
(وهو الحكيم العليم) لإتقان أفعاله وآثاره بحيث لا يجوز أن يقال لو فعل هذا لكان أتقن ولو لم يفعل ذاك لكان أحسن وتعلق علمه بجميع الأشياء بحيث لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست