شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢١٥
بوجه والخامسة عبارة عن إرشاد المسلمين إلى مصالحهم الدنيوية والأخروية.
(وحسن المؤازرة) أي حمل بعضكم ثقل بعض بلا من ولا ضجر، والوزر: الثقل، والوزير: الموازر كالوكيل المواكل لأنه يحمل عن الأمير ثقله.
(وأعينوا على أنفسكم) تقريبا لها إلى كمالاتها وتبعيدا لها عن مشتهياتها (بلزوم الطريقة المستقيمة) وهي الطريقة النبوية والقوانين الشرعية التي يوجب التمسك بها استعداد النفس لقبول الألطاف الإلهية والأسرار الربانية والانجذاب عما يدعو إليه النفس الأمارة من الشهوات الدنيوية والزهرات الدنية الفانية فإنه إذا حصل هذا الاستعداد أمكن الترقي إلى أقصى ما هو المطلوب من الحقيقة الإنسانية (وهجر الأمور المكروهة) وهي التي نهى عنها الشارع، نهي تحريم أو نهي تنزيه فإن الاجتناب عن الأمور التنزيهية أيضا معد للنفس في تحصيل كمالاتها (وتعاطوا الحق بينكم) أي تناولوه بأن يأخذه بعضكم من بعض ليظهر ولا يضيع، وفيه ترغيب لكل أحد في إعلان الحق وعدم الاستنكاف عن أخذه ممن هو دونه في الفضل والكمال (وتعاونوا به) أي بالحق أو بالتعاطي (دوني) حال كون التعاون متجاوزا عني لأنه (عليه السلام) عيبة علمه تعالى ومعدن أسراره لا يحتاج إلى التعاون بأحد من الأمة في معرفة الحق أو حال كون الحق عندي وفيه حينئذ تحريض لهم على أخذ الحق منه (عليه السلام) كما يقال للإغراء بالشيء: دونك.
(وخذوا على يد الظالم السفيه) أي خذوا للفقير الملهوف والمستغيث المظلوم على يد السفيه الظالم لنفسه ولغيره، والسفيه هو الذي يحركه الهوى النفسانية إلى مشتهياتها وتميله القوى الشهوانية إلى مقتضياتها، وفي لفظة «على» إشعار بلزوم الأخذ وإن بلغ حد الضرب والجدال وغير ذلك من أنواع التهتك والتشدد.
(ومروا بالمعروف وانهوا عن المنكر) باللسان واليد وإن لم يمكن ذلك فبالقلب بالتباغض والتباين، وهذا أضعف المراتب. والمعروف قيل: هو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله تعالى والتقرب إليه والإحسان إلى الناس وكل ما ندب إليه الشرع، والمنكر بخلافه ولكن الأمر بالمندوبات والنهي عن المكروهات مستحبان غالبا.
(واعرافوا لذوي الفضل فضلهم) (1) أمر بتقديم ذوي الفضل وتوقيرهم والرجوع إليهم في

١ - قوله: «واعرفوا لذوي الفضل فضلهم» لما كان قريش وهم أصحاب أعلام الكفر والنفاق وأعداء الإسلام هم الذين تملكوا بعد رحلة النبي (عليه السلام) واستأثروا بالمال والغنائم وتوسعوا في المناهي واللهو واللذائذ واستذلوا عباد الله المؤمنين ومنعوهم من الفيء والأموال وانتقموا من أنصار النبي (عليه السلام) الذين كانوا في حياته مالك أزمة الأمور وبسيوفهم قهر الله قريشا وسائر الكفار وقتلوا صناديدهم وكان حقدهم كامنا في قلوب قريش حتى إذا ملكوا الأمر أظهروا أحقادهم وفعلوا ما ملأ التواريخ من الظلم والحيف، ثم لما قتل عثمان وبايعوا عليا (عليه السلام) وعلم الناس أنه (عليه السلام) يرجع الامر إلى العدل ونصرة الأنصار على ما كان في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) وأنه يبطل استئثار قريش بالملك والمال، ورفض الناس من أمر الحكومة وهاج الناس واستنشطوا، والعادة في أمثال هذه الوقائع والحوادث أن يبالغ بعضهم في الانتقام ويفضي بالأمر إلى الفوضى وقتل النفوس المتبرئة ونهب الأموال المحترمة ويغلوا في طلب التساوي كما كان السابقون غالين في الاستئثار ولذلك أمر (عليه السلام) أولا بالأخذ على يد الظالم السفيه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم قال: واعرفوا لذوي الفضل فضلهم حتى لا يغلوا ولا يتمنوا الإفراط بعد التفريط ولا يتوقعوا المناصب الجليلة إلا بعلم وفضل وشجاعة، ولياقة كل بحسبه. (ش)
(٢١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 ... » »»
الفهرست