شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٠٢
صاحب الملل والنحل.
(الذي لم يلد فيكون في العز مشاركا) يمكن إرجاعه إلى قياس استثنائي تقريره: لو كان له ولد كان في العز والجلال مشاركا معه، والتالي باطل إذ لا عزيز على الإطلاق سواه، فالمقدم مثله، بيان الملازمة أن ولد العزيز عزيز مثله وقد سلك (عليه السلام) في ذلك سبيل المعتاد الظاهر في بادي الرأي والاستقراء وهو أن كل ولد يلحق بأبيه في العز والذل وإن لم يجب ذلك في العقل والاستقراء مما يستعمل في الخطابة ويحتج به فيها إذ غايته الإقناع (ولم يولد فيكون موروثا هالكا) أي لو كان مولودا لكان موروثا هالكا يرثه من خلفه، وهو تنزيه له عن صفات البشر إذ العادة أن كل مولود من الإنسان يهلك فيرثه من خلفه والبرهان على استحالة كونه والدا ومولودا أن ذلك من لواحق الشهوة الحيوانية وتوابع القوة الجسمانية، وقدسه تعالى منزه عنها.
(ولم تقع عليه الأوهام فتقدره شبحا ماثلا) الماثل القائم والماثل أيضا المشابه يعني لم تدركه الأوهام فإنها إن أدركته قدرته شخصا منتصبا قائما وصورة شبيهة بصورة الجسم والجسمانيات; لأن الوهم إنما يدرك الأمور المتعلقة بالمادة وشأنه فيما يدركه أن يستعمل المتخيلة في تقديره بمقدار معين ووضح معين ويحكم بأن ذلك مبلغه ونهايته فلو أدركته الأوهام لقدرته شخصا معينا قايما على مقدار معين وصورته بصورة معينة في محل معين، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
(ولم تدركه الأبصار فيكون بعد انتقالها حايلا) حال الشيء يحول إذا انقلب حاله وكل متغير حائل.
كذا في النهاية. يعني لا تدركه الأبصار فإنها إن أدركته كان بعد انتقال الأبصار عنه متغيرا ومنقلبا عن الحالة التي كانت له عند الإبصار وهي المقابلة والمحاذاة والوضع الخاص وغير ذلك من الأمور المعتبرة في الرؤية إلى حالة أخرى مغايرة للأولى فيوصف تارة بالمقابلة والمحاذاة مثلا وتارة باللامقابلة واللامحاذاة، وذلك لا يليق بقدس الحق; لأن نسبته إلى جميع الأشياء والأحياز والأوضاع والأشخاص والأوقات والأزمنة والأمكنة على السواء لا تتغير ولا تتبدل أصلا وأبدا، فنسبته إلى الشرق كنسبته إلى الغرب، ونسبته إلى السماء كنسبته إلى الأرض، ونسبته إلى زيد وإبصاره لشيء
(٢٠٢)
مفاتيح البحث: العزّة (4)، الهلاك (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست