شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ٢٠٨
المتقين كما قال: (وأزلفت الجنة للمتقين) إلى قوله (ولدينا مزيد).
ثم أشار إلى استحقاقه للحمد في البداية والنهاية فضل الحمد والحث عليه بقوله: (ثم إن الله وله الحمد) هذه الجملة اعتراضية لا محل لها من الإعراب وإنما لم يذكر متعلق الحمد لقصد التعميم أو للإشارة إلى أنه يستحقه لذاته و «ثم» لمجرد التفاوت في الرتب فإن حمده تعالى لنفسه أفضل وأكمل من حمد الغير له (افتتح الحمد لنفسه) في التنزيل أو عند خلق العالم كما قال (الحمد لله فاطر السماوات والأرض) أو عند خلق الإنسان ونفخ الروح كما قال: (ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين) لأن الحمد هو الثناء الجميل ولا يجب أن يكون ذلك بلفظ الحمد.
(وختم أمر الدنيا) لعل المراد بأمر الدنيا ما يتعلق بها من سوء العاقبة وحسنها للعباد بحسب القضاء الإلهي (ومجل الآخرة بالحمد لنفسه) المجل بالتحريك أو سكون الجيم مصدر يقال مجلت يده مجلا بفتح الجيم فيهما ومجلت يده مجلا بكسر الجيم في الأول وسكونها في الثاني وهو أن يجتمع بين الجلد واللحم ماء من كثرة العمل وشدته ويحصل منه بثرة ويقال له بالفارسية «آبله» وضبطه بعضهم بفتح الميم وسكون الحاء المهملة وهو الجدب وانقطاع المطر ويبس الأرض من الكلاء والمجادلة والكيد، والمراد به هنا على جميع هذه المعاني هو الشدة والمصيبة على سبيل الكناية يعني ختم أمر الدنيا وختم شدايد الآخرة وأهوالها بالحمد لنفسه على القضاء بالحق كما قال (وقضى بينهم بالحق) بإدخال بعضهم الجنة وبعضهم النار.
(وقيل الحمد لله رب العالمين) على القضاء بالحق وإعطاء كل قوم ما يستحقونه من غير ظلم ولا جور، والظاهر من سياق هذا الحديث أن القائل هو الله تعالى وقيل هم المؤمنون والملائكة.
فإن قلت: ختم شدائد الآخرة بهذا القضاء وهذا القول ظاهر وأما ختم أمر الدنيا بهما فما الوجه فيه؟
قلت هما في الحقيقة مقارنان لختم أمر الدنيا لانقطاع العمل حينئذ وعند ذلك يتحقق حال كل شخص ويعلم أنه من أهل الجنة أو من النار، ولذلك قيل: «من مات قامت قيامته».
(الحمد لله اللابس الكبرياء بلا تجسيد والمرتدي بالجلال بلا تمثيل) تشبيه الكبرياء والجلال أعني العظمة الرفعة باللباس والرداء في الإحاطة والشمول مكنية تعلق اللبس والارتداء بهما تخيلية، ولما كان المتبادر من الكبير والجليل في الأوهام أن يكون ذا جسد ومثال أشار إلى أن وصفه تعالى بهما من غير تجسيد بشخص جسداني وتمثيل بمثال جسماني للتنبيه على أن المراد منهما هو العظمة والرفعة بحسب القدر والرتبة.
(والمستوي على العرش بغير زوال) لما كان المتبادر من الاستواء في أفهام القاصرين هو
(٢٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 ... » »»
الفهرست