شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٤ - الصفحة ١١٢
(محمد بن يحيى، عن أحمد بن عيسى، عن الحجال، عن ثعلبة، عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تعالى: (وسع كرسيه السماوات والأرض) السماوات والأرض وسعن الكرسي أم الكرسي وسع السماوات والأرض؟ فقال: بل الكرسي وسع السماوات والأرض) سأل زرارة عن ذلك لعدم علمه بأن كرسيه مرفوع على الفاعلية بناء على أن القرآن الذي رآه لم يكن معربا أو سأل عنه مع علمه بذلك طلبا لتصحيح رفعه في الواقع وميلا لمعرفة كونه فاعلا في نفس الأمر، إذ الاعراب لم يكن في عهد النبي (صلى الله عليه وآله) وإنما نشأ بعده فلعلهم أخطأوا في رفعه فأزال (عليه السلام) شبهته بأن رفعه صحيح وأنه فاعل في نفس الأمر.
وبما ذكرنا لا حاجة إلى ما قيل من أن سؤاله على قراءة إسماعيل (وسع كرسيه) بضم الواو وسكون السين من باب إضافة المصدر فكأنه قال: إضافته إلى الفاعل أو إلى المفعول وإلا فزرارة أرفع شأنا (1) وأجل قدرا من أن يسأل عن معنى الآية الكريمة على تقدير رفع كرسيه على الفاعلية، وقد نقل هذا التوجيه أيضا عن الشيخ العارف بهاء الملة والدين قال: إني لما قرأت هذا الخبر على والدي - قدس الله روحه - سألته أن زرارة مع علو شأنه وعلمه بمسائل النحو كيف يجوز عليه مثل هذا السؤال الذي لا يخفى على آحاد الطلبة إذ القراء اتفقوا على رفع كرسيه ونصب السماوات والأرض وحينئذ لا مجال لهذا السؤال، فأجاب رحمه الله: أن بناء السؤال على قراءة (وسع) بضم الواو وسكون السين مصدرا مضافا، وعلى هذا يتجه السؤال وإني تصفحت كتب التجويد فما ظفرت على هذه القراءة إلا في هذه الأيام رأيت كتابا في هذا العلم مكتوبا بالخط الكوفي هذه القراءة وكان نسخة الأصل.
(والعرش وكل شيء وسع الكرسي) الظاهر أن العرش منصوب عطفا على السماوات، و «كل شيء» مرفوع على الابتداء، والجملة الفعلية بعده خبره بحذف العائد المفعول أي كل شيء وسعه الكرسي، والسؤال بالمنافاة يجاب بمثل ما مر. وأما رفع العرش بالابتداء ونصب الكرسي بالمفعولية وعطف «كل شيء» على الكرسي وجعل الجملة الفعلية خبرا فبعيد جدا مع امتناع تقديم المعطوف على المعطوف عليه إلا في ضرورة الشعر كما بين في علم العربية، وكذا رفع العرش بالابتداء وعطف

١ - قوله: «فزرارة أرفع شأنا» لعل زرارة اشتبه الأمر عليه من جهة المعنى لا من جهة دلالة اللفظ فسأل الإمام (عليه السلام) عما يرفع شبهته. بيانه أنه لما نظر في الآية وفهم منها أن الكرسي أعظم من السماوات والأرض وكان في نظره أن الكرسي بعض أجزاء العالم ولا يمكن أن يكون الجزء أعظم من الكل ولم يهتد لوجه التخلص عن الشبهة سأل الإمام (عليه السلام) عن ذلك، وإن ظاهر القرآن يدل على أعظمية الكرسي فكيف يكون ذلك مع أن الكرسي يجب أن يكون أصغر. (ش)
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»
الفهرست