حمل البصر على ما لا سبيل له فيه رجع راجعا فحكى ما وراءه كالناظر في المرآة لا ينفذ بصره في المرآة فإذا لم يكن له سبيل رجع راجعا، يحكي ما وراءه وكذلك الناظر في الماء الصافي يرجع راجعا فيحكي ما وراءه إذ لا سبيل له في إنفاذ بصره، فأما القلب فانما سلطانه على الهواء فهو يدرك جميع ما في الهواء ويتوهمه، فإذا حمل القلب على ما ليس في الهواء موجودا رجع راجعا فحكى ما في الهواء، فلا ينبغي للعاقل أن يحمل قلبه على ما ليس موجودا في الهواء من أمر التوحيد جل الله وعز فانه إن فعل ذلك لم يتوهم إلا ما في الهواء موجود كما قلنا في أمر البصر تعالى الله أن يشبهه خلقه.
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن بعض أصحابه عن هشام بن الحكم قال:) أي قال: هشام من قبله لا من جهة الرواية عن المعصوم، ويحتمل أن يكون من مسموعاته عنه (1).
(الأشياء لا تدرك إلا بأمرين بالحواس والقلب) الغرض منه أن المبدء تعالى شأنه لا يمكن إدراكه بشيء منهما كما سيتضح ذلك ولعل ذكره في هذا المقام باعتبار أنه يصلح أن يكون تفسيرا للآية المذكورة وبيانا لحملها على نفي الإدراك مطلقا.
(والحواس إدراكها على ثلاثة معان) يشمل هذه المعاني الثلاثة إدراك الحواس الخمس الظاهرة كما ستعرفه ويعرف حكم الحواس الباطنة بالقياس إليها بأدنى تأمل.
(إدراك بالمداخلة) أي بدخول المدرك في المدرك وحصول المحسوس في مكان الحاسة (وإدراك بالمماسة) أي بمماسة المدرك بالمدرك واتصافه به (وإدراك بلا مداخلة ولا مماسة فأما