شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٣ - الصفحة ١٩٨
له: إن أردت بقولك لا كالصور أنه ليس بمركب فيرد أنه ليس بصورة وإن اللفظ لا يفيد ذلك وإن الحديث غير محمول على ظاهره وإنك وافقت القائلين بتأويله والتأويل فيه أن الضمير يعود إلى الأخ المضروب كما صرح به القرطبي، قال. معناه خلق آدم على صورة المضروب فكان الضارب ضرب وجه أبيه آدم (عليه السلام). فإن قيل فينبغي أن يجتنب ما سوى الوجه من الأعضاء لأنه يشبه أعضاء آدم فالجواب أن الوجه قد اختص بما ليس في غيره إذ فيه البصر الذي يدرك به العالم وما فيه من العجاب الدالة على عظم قدرة الله تعالى، والسمع الذي يسمع به أمر الله تعالى ونهيه ويتعلق به العلوم التي منها معرفة الله ومعرفة الرسول وفيه النطق الذي شرف به الإنسان على سائر الحيوان، وعلى تقدير أن يكون الضمير عايدا إليه سبحانه فنقول: الإضافة لتشريف آدم (عليه السلام) كقوله تعالى (ناقة الله وسقياها) وبيت الله، وقد اختص آدم بأن خلقه بيده ولم يقلبه في الأرحام ولم يدرجه من حال إلى حال.
ونقول: المراد بالصورة الصفة كقولهم صورة فلان عند الأمير أي صفته لاختصاصه (عليه السلام) بصفات من الكمال والفضائل وسجود الملائكة له تعظيما وإن كان سجودهم كان لله حقيقة فصفاته شبيهة بصفاته تعالى ومثل هذه التأويلات إلا منع عود الضمير إليه سبحانه يجري فيما رواه البخاري (1) في باب السلام وخرجه مسلم في باب خلق آدم (عليه السلام) «من أنه قال تعالى لما خلق آدم على صورته:
إذهب فسلم على اولئك النفر من الملائكة» على أن الضمير فيه يجوز أن يعود على آدم (عليه السلام) ومثل ذلك متعارف فلا يرد أن الكلام حينئذ غير مفيد لأنه معلوم أنه خلق على صورته وأيضا يجري مثل هذه التأويلات فيما روي «أن الله تعالى خلق آدم (عليه السلام) على صورة الرحمن» ونقل الآبي عن بعض علمائهم أنه قال: هذه الرواية لم تثبت عند أهل النقل ولعل راويها توهم أن الضمير في الرواية الأولى المعتبرة عايد إليه سبحانه فأبدل الضمير بالرحمن من باب النقل بالمعنى. وإنما بسطنا الكلام بنقل رواياتهم وأقاويلهم لأن معرفة ذلك لا يخلو من فائدة عند المناظرة مع أهل الخلاف.
(فإن رأيت جعلني الله فداك أن تكتب إلي بالمذهب الصحيح من التوحيد) جزاء الشرط محذوف أي فعلت (فكتب إلي) الصحيح والذي عليه جمهور المحدثين من العامة والخاصة وأكثر الفقهاء والاصوليين جواز العمل بالكتاب عن الكتاب إذا علم أنه خطه وهو عندهم معدود في المتصل لإشعاره بمعنى الإجازة وقال السمعاني هو أقوى من الإجازة ودليلهم ما صح واشتهر من كتبه (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى نوابه وعماله وكذلك الخلفاء والأئمة (عليه السلام) بعده ومنه هذا الحديث وغيره، ولكن

1 - الصحيح: ج 8 ص 62 كتاب الاستيذان ح 1.
(١٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 ... » »»
الفهرست