بعينك ومع ذلك تعتقد بوجودها اعتقادا جازما بحكم وهمك ومقتضى عقلك.
(ولا تدركها ببصرك) لأنك لم تشاهدها ومن هنا ظهر لك أن إدراك القلب أدق من إبصار العين (وأوهام القلوب لا تدركه) لعجز القلوب عن ذلك واعترافها بأن ذاته تعالى وصفاته وجلاله وكماله أشرف وأعلى من أن تدركه وتعقله وأن كل ما أدركته وأحطت به فهو منزه عنه وأن السبيل إلى معرفة كنه عظمته مسدود وأن غاية معرفته هي العلم بأنه مقدس عن تعلق الإدراك به وعن الإحاطة بذاته وصفاته وعن المشابهة بخلقه في ذواتهم وصفاتهم وكيفياتهم.
(فكيف أبصار العيون) تدركه لأن عدم إدراك القوي دليل على عدم إدراك الضعيف وعدم تحقق الأعم حجة على عدم تحقق الأخص، وينبغي أن يعلم أن سؤاله هذا نشأ من نسيان ما سمعه (1) من الرضا (عليه السلام) أو الغرض منه زيادة التقرير والاستبصار.
* الأصل:
12 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن هشام بن الحكم قال: الأشياء [كلها] لا تدرك إلا بأمرين: بالحواس والقلب، والحواس إدراكها على ثلاثة معان: إدراكا بالمداخلة وإدراكا بالمماسة وإدراكا بلا مداخلة ولا مماسة، فأما الإدراك الذي بالمداخلة فالأصوات والمشام والطعون. وأما الإدراك بالمماسة فمعرفة الأشكال من التربيع والتثليث ومعرفة اللين والخشن والحر والبرد. وأما الإدراك بلا مماسة ولا مداخلة فالبصر فانه يدرك الأشياء بلا مماسة ولا مداخلة في حيز غيره ولا في حيزه، وإدراك البصر له سبيل وسبب فسبيله الهواء وسببه الضياء فإذا كان السبيل متصلا بينه وبين المرئي والسبب قائم أدرك ما يلاقي من الألوان والأشخاص فإذا