السابقة عليها أعني قوله: «والشهامة وضدها البلادة» إذ مآلهما واحد.
(والمعرفة وضدها الإنكار) المعرفة سراج القلب يرى بها خيره وشره ومنافعه ومضاره، وكل قلب لا معرفة له فهو مظلم، والمراد بها إما معرفة الائمة وفضلهم وعلو منزلتهم وهي أكمل فضائل العاقل لأنه يعرف بنور معرفته أنهم دعائم الإسلام وولايج الاعتصام والهداة إلى نور الدين وأن طلب العلم والفضيلة والوصول إلى أنوار الحكمة وأسرار الشريعة لا يتيسر إلا بوساطتهم ولا يتحصل إلا بعنايتهم، وأنهم الذين عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية لا عقل سماع ورواية (1) ولا يخالفون الحق أبدا ولا يتجاوزونه إلى رذيلة الإفراط والتفريط قطعا وإنكار شئ من ذلك أو عدم معرفته من أخس رذائل الجاهل المغرور برأيه السقيم الراجع عن الصراط المستقيم، أو المراد بها معرفة الرب بصفاته وآثاره وأفعاله وكلا المعينين يناسب ما اشتهر من أن المعرفة إدراك شئ.
ثانيا بعد الغفلة عن إدراكه أولا، وذلك أن الله سبحانه أخذ الميثاق على عباده بأنه ربهم ومحمد (صلى الله عليه وآله) عبده ورسوله وعليا (عليه السلام) أمير المؤمنين وأوصياءه من بعده ولاة أمره وخزان علمه ثم نسوا بعد رقودهم في مراقد أصلاب الآباء ومهاد أرحام الأمهات وانغمارهم في بحار العوائق الجسمية واستتارهم بحجب العلايق البشرية تلك المواثيق القديمة والعهود الوكيدة فمن أيقظته صحيحة المواعظ الإلهية عن نوم الغفلة وجذبته أيدي الهداية الربانية عن تيه الظلمة وتنور قلبه بنور الهداية