شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٥٥
الأقسام الثلاثة وهو بعيد جدا سيما في الرياء لدلالة الآيات والأخبار على بطلان العبادة لأجل انضمام الرياء إليها والظاهر أنه لا خلاف فيه بين أصحابنا قال المحقق الشيخ علي (1) ضم الرياء إلى القربة يبطل العبادة قولا واحدا إلا ما يحكى عن المرتضى أنه يسقط الطلب عن المكلف ولا يستحق بها ثوابا وليس بشئ، والخلوص من جنود العقل وأنصاره والشوب من جنود الجهل وأعوانه وميدان مجادلتهما ومعارضتهما ساحة القلب وذلك لأن العقل ميله الصعود إلى عالم القدس وقصده تسخير عالم الملك والملكوت وخلوص العمل يعينه على ذلك، والجهل ميله الهبوط إلى عالم الحس ومنازل النسيان وقصده النزول في محل البعد وبساط الخذلان وشوب العمل بالرياء وغيره من التدليسات النفسانية والتلبيسات الشيطانية والمخاطرات الوهمية يعينه على ذلك.
(والشهامة وضدها البلادة) عد المحقق الطوسي الشهامة من أنواع الشجاعة الحاصلة من الاعتدال في القوة الغضبية وفسرها بأنها حرص النفس على اقتناء الأمور العظام توقعا للذكر الجميل وهذه ليست بمرادة هنا لأن البلادة ليست بضدها وليس لضدها أيضا اسم مشهور، بل المراد بها ذكاء الفؤاد يقال: شهم - بالضم - شهامة فهو شهم أي جلد ذكي الفؤاد فهي من توابع الاعتدال في القوة العاقلة. والبلادة وهي ضد الذكاء يقال: بلد بالضم فهو بليد وتبلد أي تردد متحيرا، من فروع التفريط والنقصان في القوة المذكورة، ونعني بهذه البلادة ما كان من سوء الاختيار لا ما كان من أصل الخلقة لأن المقصود هو الترغيب في تحصيل الأول وترك الثاني وذلك لا يتصور إلا فيما كان فعله وتركه مقدورا، ثم كون الأول من جنود العقل والثاني من جنود الجهل ظاهر لأن الذكاء سبب لعروج العقل إلى أقصى المدارج من معارج المعارف الربانية وضده سبب لنزول النفس في أسفل الدركات من مهالك الشبهات الظلمانية.
(والفهم وضده الغباوة) قال بعض المحققين: لعل هذه الفقرة كانت في الأصل بدلا عن قوله (عليه السلام) فيما مضى «والفهم وضده الحمق» والناسخون جمعوا بينهما في الكتابة غافلين عن البدلية والمعنى واحد. ويمكن أن يقال: المراد بالفهم هنا الفطنة وهي جودة تهيأ الذهن لاكتساب العلوم وبعبارة أخرى هي إدراك المقصود من الخطاب بسهولة. والغباوة «كودن شدن ودر نيافتن» كما في كنز اللغة يعني عدم فهم المقصود من الخطاب بسهولة وهذا المعنى غير المعنى المقصود من الفهم والحمق كما أشرنا إليه سابقا، وأما حمل الفهم هنا على الذكاء الذي هو فوق الفهم المذكور سابقا كما أشرنا إليه هناك وإن كان ممكنا ويحصل به المغايرة بين الفهمين لكن معنى هذه الفقرة حينئذ يرجع إلى الفقرة

1 - يعني الشيخ علي بن عبد العالي الكركي (قدس سره).
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست