شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٥٤
يبلغها وقد أشار إليها أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: «ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك» ولو قصد العبد في عبادته مجرد وجه الله سبحانه وإطاعة أمره والتقرب إليه يرتقي بأجنحة القبول إلى منازل القرب وحظاير القدس قطعا ولو قصد مجرد غيره ألبسه الله لباس الذل وأبعده عن ساحة رحمته وبساط قربه جزما وأما لو قصده سبحانه وقصد غيره أيضا فهو خطر عظيم، وللمسلمين فيه كلام طويل تركناه خوفا للاطناب ونذكر ما أظنه حقا والله تعالى هو المستعان فنقول: الضميمة إما قصد الثواب أو التحرز عن العقاب أو قصد الرياء أو قصد الأمور اللازمة للعبادة كقصد التخلص من النفقة بعتق العبد في الكفارة وغيرها وقصد التبرد (1) بالوضوء، أما الأول فالظاهر صحة العبادة لقول الصادق (عليه السلام) «العباد ثلاثة قوم عبدوا الله عز وجل خوفا فتلك عبادة العبيد، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلبا للثواب فتلك عبادة الاجراء، وقوم عبدوا الله عز وجل حبا له فتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة» (2) فان صيغة أفضل تفيد وجود الفضل في الأولين وهو المطلوب. وقول الباقر (عليه السلام) «من بلغه ثواب من الله تعالى على عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب أوتيه وإن لم يكن الحديث كما بلغه» (3) ولغير ذلك من ظواهر الآيات والأخبار، وأما الثاني فالظاهر بطلانها لقوله تعالى (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا).
وقول الصادق (عليه السلام) لعباد البصري: «يا عباد إياك والرياء فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى من عمل له» (4) ولغير ذلك من الآيات والروايات. وأما الثالث فالقول بالتفصيل - وهو أن العبادة صحيحة إن كانت هي المقصودة بالذات والضميمة مقصودة تبعا، وباطلة إن انعكس الأمر أو تساويا - غير بعيد (5) وإن لم نجد عليه دليلا نقليا والاحتياط في الجميع ظاهر وبعض الأفاضل حكم بالتفصيل في

1 - قال بعض شراح الشرائع: إن قصد التبرد مبطل بعد أن حكم المحقق بصحته ولعله أراد أن يكون الداعي إلى الفعل التقرب بحيث لو لم يكن التقرب لم يتوضأ، وإن ضم التبرد إليه. (ش) 2 - الكافي كتاب الايمان والكفر باب العبادة.
3 - يعني ما إذا كان العمل مسنونا في الكتاب والسنة من دون تقدير الثواب العاجل أو الاجل، وأما إذا كان العمل غير مسنون فلا أجر له أبدا إن لم يكن عليه وزر لقول النبي (صلى الله عليه وآله) «لا قول إلا بعمل، ولا قول ولا عمل إلا بنية; ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة» والخبر في الكافي كتاب الايمان والكفر باب (من بلغه ثواب من الله على عمل).
4 - الكافي كتاب الايمان والكفر باب الرياء تحت رقم 1.
5 - خبر لقوله «فالقول بالتفصيل» ولا يحتاج إلى تصريح به في خبر بل يكفي الأدلة الدالة على وجوب الاخلاص وإبطال تشريك غير الله معه في النية فيقال: إذا كان المقصود بالذات التقرب لم يقدح في الاخلاص ضم غيره تبعا والعلامة على ذلك أن يعرض العابد على نفسه هل كان يصدر هذا العمل منه إن لم تكن الضميمة فإن أحس من نفسه أنه يصدر منه كان العمل صحيحا (ش).
(٢٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 ... » »»
الفهرست