(والأمانة وضده الخيانة) الأمانة مصدر أمن الرجل أمانة فهو أمين إذا صار كذلك برعاية ما ائتمن عليه من حقوق الحق أو الخلق وأدائه في وقته كما هو وهي تدخل في أفعال الأعضاء والجوارح كلها لأن القلب إذا استضاء بنور البصيرة يتهدي كل عضو إلى أمانته ويسعى في حمايتها وحفظها وأدائها على ما ينبغي كما تدخل الخيانة وهي مصدر خانه إذا ترك الحفظ في تلك الأفعال ومنه قوله تعالى (يعلم خائنة الأعين) أي مسارقتها وكثيرا ما تطلق الأمانة على ما تأتمن به صاحبك مجازا على سبيل المبالغة ومنه قوله تعالى (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) أي لما يؤتمنون عليه من جهة الحق أو الخلق وقوله تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) وفي روايات متكثرة (1) تصريح بأن المراد بأهل الأمانة في هذه الآية الإمام (عليه السلام) وأن الله تعالى أمر الإمام الأول أن يدفع إلى الإمام الذي بعده كل شئ عند من أمر الإمامة وقوله تعالى (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان، انه كان ظلوما جهولا) روي عن الصادق (عليه السلام) «أن المراد بالأمانة ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)» (2) وقيل:
المراد بها العبادة والطاعة المطلوبة من الإنسان وسماها أمانة من حيث إنها يجب حفظها وأداؤها في وقتها. وإباء الأجرام المذكورة يعود إلى امتناع قبولها خوفا وإشفاقا بلسان الحال لقصورها وعدم صلاحيتها لها بحسب الطبع أو إلى الفرض والتقدير، كأنه قيل: لو كانت هذه الأجرام عاقلة ثم عرضنا عليها لأبين أن يحملنها خوفا وإشفاقا من وخامة عاقبتها وإنما جيىء بلفظ الواقع لأنه أبلغ أو إلى أنه تعالى خلق فيها عقلا وفهما ثم عرض عليها على سبيل التخيير، فأبين إباء عجز واحتقار وخوف وانكسار لا إباء استكبار لخضوعها تحت ذل الحاجة ثم خلق الإنسان وعرضها عليه فقبله وحمله مع ضعف بنيته ورخاوة قوته إنه كان ظلوما لنفسه بعدم محافظته لها وتقصيره في أداء حقوقها جهولا بأسرارها وبما يستلزم حفظها وفعلها وتركها من المثوبات والعقوبات.
(والخلوص وضده الشوب) الشوب الخلط وهو مصدر شبت الشئ أشوبه شوبا فهو مشوب إذا خلط بغيره والخلوص مصدر خلص الشئ - بالفتح - يخلص خلوصا أي صار خالصا صافيا غير ممتزج بغيره، والعمل الخالص في العرف ما يجرد قصد التقرب فيه عن جميع الشوائب وهذا التجريد يسمى إخلاصا وقد عرفه بعض أصحاب القلوب بتعريفات أخر فقيل: هو تنزيه العمل عن أن يكون لغير الله فيه نصيب، وقيل: هو إخراج الخلق عن معاملة الحق، وقيل: هو ستر العمل عن الخلائق وتصفيته عن العلايق، وقيل: أن لا يريد عامله عوضا في الدارين. وهذه درجة علية قل من