شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٦١
صلاته وخروجه عن عهدة التكليف (1) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
(والصوم وضده الافطار) ليس المراد بالصوم هنا مجرد الامساك عن الطعام والشراب وغيرهما من الأمور المذكورة في كتب الفقهاء بل المراد به الإمساك عنها وعن جميع ما يوجب البعد عنه تعالى ولا يتحقق ذلك إلا بصوم جميع الجوارح والأعضاء الظاهرة والباطنة وإمساكها عما يكره أو يحرم وذلك بأن يجتنب عن أذى الخادم وغيره وعن ضربه وشتمه، ويحفظ البصر عن النظر إلى ما لا ينبغي النظر إليه والقلب عن ذكر غير الله والسمع عن استماع ما لا يجوز واللسان عن الكذب والهذيان والغيبة والبهتان والحلف والمراء وإنشاد الشعر في الليل والنهار ويعف البطن والفرج عن تناول الشبهات والمحرمات وإكثار الحلال من الأطعمة والأشربة وتناول أنواع المستلذات وقت الإفطار، وقس على ذلك ساير الأعضاء وهو مع ذلك يقوم بين الخوف والرجاء في رده لتجويز التقصير فيه وقبوله لملاحظة لطف الله وكرمه ولا ريب في أن الصوم بهذا المعنى من أفضل خصال العقل وأعظم جنوده التي يستعين بها في جهاد النفس الأمارة بالسوء وكسر قوتها وشهواتها وإن الإفطار يعني ترك الامساك عن جميع ما ذكر أو عن بعضه من أكمل رذايل الجهل وأعوانه في إطاعة المهويات النفسانية وتناول الشهوات الشيطانية والملتذات الجسمانية الموجبة للبعد عن نيل رحمة رب العالمين والقرب من أسفل السافلين نعوذ بالله من مخاطرات الجهل وهمزات الشياطين.
(والجهاد وضده النكول) الجهاد بالكسر مصدر جاهدت العدو إذا قابلته في تحمل الجهد إذ كل واحد من المتخاصمين يبذل طاقته ويتحمل مشقته في دفع صاحبه، والنكول الجبن، يقال: نكل عن العدو ينكل بالضم أي جبن، والناكل الجبان، الضعيف، ثم الجهاد على خمسة أصناف جهاد مع العدو الظاهر وهو الكافر قال الله تعالى (انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله) وجهاد مع العدو الخفي قال الله تعالى (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) وجهاد مع أصحاب الباطل بالعلم والحجة قال الله تعالى (وجادلهم بالتي هي أحسن) وجهاد مع الفاسق من أهل الايمان بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال الله تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء

1 - قد يقع في كلام بعضهم ان قبول العمل شئ وصحته شئ آخر ويمكن ان يكون العمل صحيحا غير مقبول وربما ترى في كلام أهل التحقيق إنكار هذا المعنى ونسبته إلى الحشوية أي جهال أهل الحديث وحجة هؤلاء أن الله تعالى أمر بشئ أتى به المكلف على ما أمر به فيستحق الثواب عليه عقلا ونقلا حيث قال (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) ومن يدعي أن الله تعالى ربما لا يقبل العمل الصحيح ان أراد به أنه لا يعطيه ثوابا أصلا فهو قبيح لا يجوز نسبته إلى الله تعالى وإن أراد أن يعطي ثوابا أقل من أمثاله لقلة شرائط الكمال فهو ممكن ولكنه غير متبادر من لفظ القبول والحق أن كل عمل صحيح مجز يثاب عليه وان اختلفت الأعمال باختلاف شرايط الكمال ولا ريب في صحة ما ذكر الشارح من استفادة صحة العمل من الرواية ولابد أن يحمل القبول في الروايات على زيادة الثواب لا أصل الثواب (ش).
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست