شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ٢٥٠
على ولده.
وقد اجتمع الجميع فيهم (عليهم السلام) لما فيهم من جمال الظاهر والباطن وإحسانهم إلينا بالهداية والشفاعة وعظمة شأنهم وإنافة قدرهم على كل والد وولد ومحسن فلذلك وجب علينا محبتهم على أكمل الوجوه وأتمها ومن محبتهم الذب عن سنتهم ونصر شريعتهم والتمسك بطريقتهم وبذل النفس والمال دون مهجتهم والوقوف عند حدودهم وإعانة أهل ملتهم، أو المراد أن حب العباد لله من جنود العقل وبغضه من جنود الجهل لأن محبة العبد له تعالى شأنه إنما هي على قدر معرفته بجلاله سبحانه وكمال أوصافه وتنزيهه عن النقص، والعاقل هو الذي يعرف جماله وجلاله وكماله وقدرته وعظمته وإحسانه فعند شروق أنوار هذه المعارف على مرآة سره وبروق آثار الأعمال الصالحة في مشارق قلبه يمطر الله عليه أسباب الحب ويكشف عنه الحجاب وتجذبه العناية الأزلية إلى بساط القرب وتسقيه من ماء المحبة وتنجيه من هذا السراب، وأما الجاهل فإنه لا يعرف من هذه المعارف اسما ولا من هذه الأسماء رسما ولا من هذه الأعمال حدا فكيف له الوصول إلى مرتبة المحبة التي هي المرتبة العليا للسالكين، والدرجة العظمى للعاقلين، والمنزلة الكبرى للزاهدين، بل هو بطبعه هارب عن عالم النور مستقبل إلى دار الغرور وهذا معنى بغض العبد له تعالى أعاذنا الله من ذلك، واعلم أن الفرق بين الحب والمودة وبين البغض والعداوة دقيق جدا حتى أنه قد ظن رجوع هذه الفقرة إلى قوله (عليه السلام) «والمودة وضده العداوة» وإن إحديهما كانت بدلا عن الأخرى جمع بينهما في الكتابة قلم الناسخ ولكن ظاهر قوله تعالى (وألقينا بينهم العداوة والبغضاء) يفيد المغايرة، ويمكن القول بتحقق المغايرة بأن المودة ميل ظاهر القلب والمحبة ميل ظاهره وباطنه وبه يشعر قوله تعالى (وقد شغفها حبا) فالمحبة أعظم من المودة أو بأن المودة والعداوة من الأمور القلبية والكيفيات النفسانية مع قطع النظر عن ظهور آثارهما من الجوارح والمحبة والبغض من هذه الأمور والكيفيات مع اعتبار ظهور آثارهما منها ويؤيده قول القاضي في تفسير الآية المذكورة فلا تتوافق قلوبهم ولا تتطابق أقوالهم فليتأمل.
(والصدق وضده الكذب) صدق الخبر بمطابقة حكمه للواقع وكذبه بعدم مطابقته له لا بمطابقته لاعتقاد المخبر وعدمها، كما ذهب إليه النظام ولا بمطابقته لهما وعدمها كما ذهب إليه الجاحظ لأن العقلاء يصفون كل خبر علموا أنه ليس مطابقا للواقع بأنه كاذب، وإن لم يعلموا اعتقاد المخبر، والمسلمين يصفون اليهود والنصارى بالكذب على الله وإن كان أكثرهم لا يعلم أنه كاذب بل يعتقد أنه صادق وأورد عليه أولا بأن قول القائل محمد (صلى الله عليه وآله) ومسيلمه صادقان خبر وليس مطابقا للواقع ولا غير مطابق له وأجيب بأنه كاذب باعتبار إضافة الصدق إليهما لأنه غير مطابق، وقد يجاب بأنه كاذب
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»
الفهرست