شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ١٦٤
والنواهي والأعمال والعبارات وشرائطها ومحسناتها وما يتخلص به العبد عن مخالفته وكيفية التخلص منها، وبالجملة يعرف حقيقة العمل ومصالحه وشرائطه وفوائده ومفاسده ويكون لأنوار تلك المعارف قلبه تقيا نقيا زكيا صافيا طاهرا مضيئا.
ويكون عمله وإن كان قليلا خالصا كاملا مشتملا على جميع الأمور المعتبرة في قوامه وكماله واعتباره وقبوله وتصاعده وتضاعفه فيكون مقبولا مضاعفا لأن الله سبحانه حكيم كريم لايرد عملا صالحا وإن كان قليلا إذ الكثرة ليست من شرائط القبول كيف وقد مدحه في القرآن العزيز في مواضع عديدة ووعد الوفاء به مع الزيادة كما قال: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) وقال: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود) لأن الجاهل لاعلم له بشئ من الأمور المذكورة بل ينظر إليها بعين عمياء فيخبط في كثير منها خبط عشواء وذلك لأن لصلاح العمل طريقا واحدا لا يعرفه إلا ذو فطنة ثاقبة وبصيرة كاملة، ولفساده طرق متكثرة فمن أراد أن يسلك طريق العمل الصالح بلا بصيرة ولا دليل مع مرافقة الجهل والهوى النفسانية والوساوس الشيطانية ضل عنه وسلك أحد هذه الطرق المضلة، ثم كلما بالغ فيه وأكثر صار أبعد من الحق وأقرب من الباطل وأفسد عليه سعيه وعمله فيكون عمله مردودا عند الله تعالى إذ لا يصعد إليه إلا العمل الصالح، ولو فرض أن عمله مشتمل على جميع الأمور المعتبرة في صلاحه نادرا كان ذلك مثل الكثير لأن الاتفاقيات من الأعمال غير معتبرة بل لابد من وقوعها على ايقان وتصديق. هذا ولبعض الناظرين في هذا الكلام كلام طويل في تفسيره وظني أن المقصود منه ليس ما ذكره وهو أعرف بما قال، وحاصله بعد حذف الزوايد (1) أن العلوم الحقيقية والمعارف الإلهية تطلب لذاتها لا للعمل ثم هي

1 - لخصه أيضا صاحب الوافي بلفظ أجمع وأخصر قال: قليل العمل من العالم مقبول لأنه يؤثر في صفاء قلبه وارتفاع الحجاب عنه ما لا يؤثر أضعافه في قلوب أهل الهوى والجهل لممارسة العلوم والأفكار المجلية لقلبة والمصيقلة له عن الرين والغين المعدة له لاستفاضة النور عليه بسبب قليل من العمل وقسوة قلوب أهل الهوى والجهل وغلظ حجبهم وجرمانية نفوسهم وبعدها عن قبول التصفية فلا يؤثر فيها كثير العمل انتهى.
وهذا معنى لطيف وتفسير معقول يصح أن يحمل عليه عبارة الحديث ولا موجب لظن الشارح أن مراد الحديث غيره وما ذكره الشارح من التفسير أيضا لا بأس به مع نقصه وحاصله ان عمل أهل الهوى باطل غير جامع لشرائط الصحة ولذلك يرد وأما عمل أهل العلم فصحيح جامع لشرائط الصحة ولذلك يقبل، وهذا يبين وجه كون عمل العالم مقبولا ولا يبين وجه كونه مضاعفا والحق أن عملا واحدا جامعا لشرائط الصحة يكون ثوابه للعالم أفضل وأكثر من غير العالم ولابد لتصور معنى التضاعف ان يكون للعمل ثواب غير مضاعف لعامل ما وهذا العامل ليس هو العالم، لأن ثوابه مضاعف فهو جاهل غير معاند ولا تابع لمعاند (ش).
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»
الفهرست