والنواهي والأعمال والعبارات وشرائطها ومحسناتها وما يتخلص به العبد عن مخالفته وكيفية التخلص منها، وبالجملة يعرف حقيقة العمل ومصالحه وشرائطه وفوائده ومفاسده ويكون لأنوار تلك المعارف قلبه تقيا نقيا زكيا صافيا طاهرا مضيئا.
ويكون عمله وإن كان قليلا خالصا كاملا مشتملا على جميع الأمور المعتبرة في قوامه وكماله واعتباره وقبوله وتصاعده وتضاعفه فيكون مقبولا مضاعفا لأن الله سبحانه حكيم كريم لايرد عملا صالحا وإن كان قليلا إذ الكثرة ليست من شرائط القبول كيف وقد مدحه في القرآن العزيز في مواضع عديدة ووعد الوفاء به مع الزيادة كما قال: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) وقال: (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود) لأن الجاهل لاعلم له بشئ من الأمور المذكورة بل ينظر إليها بعين عمياء فيخبط في كثير منها خبط عشواء وذلك لأن لصلاح العمل طريقا واحدا لا يعرفه إلا ذو فطنة ثاقبة وبصيرة كاملة، ولفساده طرق متكثرة فمن أراد أن يسلك طريق العمل الصالح بلا بصيرة ولا دليل مع مرافقة الجهل والهوى النفسانية والوساوس الشيطانية ضل عنه وسلك أحد هذه الطرق المضلة، ثم كلما بالغ فيه وأكثر صار أبعد من الحق وأقرب من الباطل وأفسد عليه سعيه وعمله فيكون عمله مردودا عند الله تعالى إذ لا يصعد إليه إلا العمل الصالح، ولو فرض أن عمله مشتمل على جميع الأمور المعتبرة في صلاحه نادرا كان ذلك مثل الكثير لأن الاتفاقيات من الأعمال غير معتبرة بل لابد من وقوعها على ايقان وتصديق. هذا ولبعض الناظرين في هذا الكلام كلام طويل في تفسيره وظني أن المقصود منه ليس ما ذكره وهو أعرف بما قال، وحاصله بعد حذف الزوايد (1) أن العلوم الحقيقية والمعارف الإلهية تطلب لذاتها لا للعمل ثم هي