شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١ - الصفحة ١٦٢
الأسرار الغيبية وكشف الحقائق العينية، والثاني أنسب بقوله «من غير عشيرة» لأن العشيرة وهي القبيلة المتأكدة بينهم العشرة والصحبة توجب العز في الدنيا.
(يا هشام نصب الحق لطاعة الله) نصب إما على البناء للمفعول أي أقيم الحق يعني الدين بإرسال الرسل وإنزال الكتب لأجل طاعة الله في أوامره ونواهيه، ولو تركت الطاعة صار الحق موضوعا والدين مخفوضا وهو يوجب زواله بالكلية وإما على البناء للفاعل لكن بحذف الفاعل أو استتاره أي أقام الله تعالى الحق يعني الدين لطاعته، وهذا قريب مما ذكر بحسب المعنى أو بحذف المفعول، والمراد بالحق هو الله تعالى أي أقام الله تعالى خلقا أو دينا لطاعته في الأوامر والنواهي وإما على المصدر والمراد بالحق الدين كما في الأول أي إقامة الدين الحق بتحقيق لطاعة الله بفعل ما أمره وترك ما نهاه (ولا نجاة إلا بالطاعة) أي لا نجاة من الشدايد الأبدية والعقوبات الاخروية على سبيل الحتم والجزم إلا بطاعة الله وانقياده وأوامره ونواهيه أو الحصر إضافي بالنسبة إلى المعصية، وعلى التقديرين لا ينافي ذلك حصول النجاة في بعض الأحيان بالعفو والغفران كما دل عليه بعض الأخبار وآيات القرآن، ويحتمل أن يراد أنه لا نجاة للإنسان من الظلمات البشرية والهويات الناسوتية في عالم الأجسام وعالم الأشباح ولا يحصل لهم الترقي إلى مشاهدة الأنوار الربوبية والأسرار اللاهوتية في عالم المجردات، وعالم الأرواح إلا بالطاعة إذ هي مرقاة للإنسان في البلوغ إلى غاية مرامهم والوصول إلى نهاية مهامهم وهي التشبه بالروحانيين والدخول في زمرة المقربين.
واعلم أن الغرض من هاتين الفقرتين بيان أن الطاعة أصل عظيم إذ بها يتحقق إقامة الدين والنجاة من العذاب المهين كما عرفت ثم بين أنها متوقفة على العقل بثلاث مقدمات آتية على سبيل القياس المفصول النتايج ليظهر لك شرافة العقل وأصالته بالنسبة إلى جميع المقاصد وهذا غاية المدح والتعظيم له ولمن اتصف به (والطاعة بالعلم) أي الطاعة متوقفة على العلم إذ هي عبارة عن فعل المأمور به وترك المنهي عنه وكسب الأخلاق المرضية والأطوار الحسنة للتقرب بالحق فلا بد من العلم بهذه الأمور وبصفات الحق مما يجوز له وما يمتنع عليه وبأحوال المعاد (والعلم بالتعلم) أي العلم بالأمور المذكورة موقوف على التعلم إما بلا واسطة بشر كالأنبياء والرسل ومعلمهم هو الله سبحانه أو بواسطة بشر كما للامة فإن معلمهم هم الأنبياء والرسل (عليهم السلام) بالإرشاد والهداية، وأما مفيض العلوم والصور فليس إلا هو ويحتمل أن يراد بالعلم معناه على الاطلاق تصوريا كان أو تصديقيا، ضروريا كان أو نظريا دينيا كان أو غيره، فإن حصول كلها للبشر متوقف على التعلم من المعلم الحقيقي وهو الله سبحانه بالإفاضة أو الإلهام أو التعليم بواسطة أو بدونها (والتعلم بالعقل يعتقد) من اعتقاد الشئ إذا اشتد وصلب أو من عقدت الحبل فانعقد
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»
الفهرست