تهذيب الأحكام - الشيخ الطوسي - ج ٥ - الصفحة ٤٥٧
يبتدرون اخفاف ناقته يقفون إلى جنبها فنحاها ففعلوا مثل ذلك فقال: (أيها الناس انه ليس موضع اخفاف ناقتي الموقف ولكن هذا كله موقف) وأومى بيده إلى الموقف فتفرق الناس، وفعل مثل ذلك بمزدلفة فوقف حتى وقع القرص قرص الشمس، ثم أفاض وأمر الناس بالدعة حتى إذا انتهى إلى المزدلفة وهي المشعر الحرام فصلى المغرب والعشاء والآخرة باذان واحد وإقامتين، ثم أقام حتى صلى فيها الفجر، وعجل ضعفاء بني هاشم بالليل وأمرهم ان لا يرموا الجمرة جمرة العقبة حتى تطلع الشمس، فلما أضاء له النهار أفاض حتى انتهى إلى منى فرمى جمرة العقبة، وكان الهدي الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله أربعا وستين أو ستا وستين، وجاء علي عليه السلام بأربع وثلاثين أو ست وثلاثين، فنحر رسول الله صلى الله عليه وآله منها ستا وستين ونحر علي عليه السلام أربعا وثلاثين بدنة، وأمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يؤخذ من كل بدنة منها جذوة من لحم ثم تطرح في برمة ثم تطبخ، فاكل رسول الله صلى الله عليه وآله منها وعلي عليه السلام وحسيا من مرقها، ولم يعط الجزارين جلودها ولا جلالها ولا قلائدها، وتصدق به، وحلق وزار البيت ورجع إلى منى فأقام بها حتى كان اليوم الثالث من أخير أيام التشريق، ثم رمى الجمار ونفر حتى انتهى إلى الأبطح، فقالت له عائشة: يا رسول الله ترجع نساؤك بحجة وعمرة معا وارجع بحجة!. فأقام بالأبطح وبعث معها عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم (1) فاهلت بعمرة ثم جاءت فطافت بالبيت وصلت ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام وسعت بين الصفا والمروة، ثم أتت النبي صلى الله عليه وآله فارتحل من يومه ولم يدخل المسجد ولم يطف بالبيت، ودخل من أعلى مكة من عقبة المدنيين، وخرج من أسفل مكة من ذي طوى.

(1) التنعيم: موضع قريب من مكة بينه وبينها أربعة أميال.
(٤٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 ... » »»
الفهرست